الجوهر الشفاف الملتقط من مغاصات الكشاف
تصانيف
قال ابن عباس: لما نفخ فيه الروح أتته النفخة من قبل رأسه فجعلت لا تجدي في شيء منه إلا صار لحما ودما وتسميته بآدم إما لأنه خلق من أديم الأرض، أو من الأدمة في اللون {وعلم أدم الأسماء كلها} أي: خلق في قلبه علما بالأسماء على سبيل الابتداء، وقيل: أراه أسماء الأجناس التي خلقها وعلمه أن هذا اسمه فرس وهذا بعير وهذا اسمه كذا وهذا اسمه كذا، وعلمه أحوالها وما يتعلق بها من المنافع والخواص الدينية والدنيوية {ثم عرضهم} أي: عرض المسميات بالأسماء من الحيوانات والجمادات وغير ذلك {على الملائكة} وذكر الضمير في عرضهم لأن في المسميات العقلاء فغلبهم {فقال أنبئوني} أي: أخبروني {بأسماء هؤلاء} وهذا أمر تعجيز أراد الله أن يبين عجزهم عن علم ما يرون ويعانون على سبيل التبكيت {إن كنتم صادقين} في زعمكم أني أستخلف في الأرض مفسدين سفاكين للدماء، وهذا رد عليهم وإعلام لهم أن فيمن يستخلفه من الفوائد العلمية التي هي أصول الفوائد ما يستاهلون لأجله أن يستخلفوا فأراهم بذلك وبين لهم بعض ما أجمل من ذكر المصالح في استخلافهم حين عانوا عليه ذلك قالوا: فقالت الملائكة إمرارا بالعجز واعتذارا {سبحانك} أي: تنزيها لك عن الاعتراض عليك في حكمك {لا علم لنا} في شيء من الغيوب ووجوه المصالح إلا {ما علمتنا} اعترفوا بالعجز عن علم ما لا يعلمون ونزهوه بالتسبيح عما يستنكر ويستقبح، ووصفوه بالعلم بوجه الحكمة فيما يفعل وقالوا: {انك أنت العليم الحكيم} أي: العالم الحاكم تحكم بالحق وتقضي به، فلما ظهر عجز الملائكة قال الله تعالى لآدم.
صفحة ٤٥