مسألة: فإن قال لم خطأت المنازع في المسألة الجوهرية من حيث اعتماده على ألفاظ الكلام، وفي هذه المسألة الإباضية عنفته على تركه مقتضى الكلام قلنا كلا القصدين منا واحد ذلك أن للمخاطبات مقاصد ومقدمات وإشارات وإرادات. فمن عدل عن موجباتها وسارع إلى تخطئة محتملها لم يسلم عند أولى الفهم وأن الواجب أن لا يقطع في محتمل للحق والصواب بأحدهما، ولا بحال غير المحتمل عن موجبه فمن فعل إحدى هاتين فقد تساوى خطؤه وشاع تعنيفه ولومه، والله أعلم وبه التوفيق.
فصل
فأما القول في بيان هذه المسألة فإنه يشتمل ثلاثة فصول: الفصل الأول في بيان درجات المختلفين من الأهم المكلفين وهو أربع درجات، الفصل الثاني في بيان قواعد الدين الثلاث، وشرح مراتب المدينين، الفصل الثالث في حل الإشكالات المعترضة في المسألة وهي ثلاثة إشكالات والله القوى المعين.
الباب الرابع العشرون
باب بيان درجات أهل الشرك
فالدرجة الأولى من درجات أهل الكفر الجاحدين بدين الله أصلا المثبتين لقدم العالم وهم ... الدهرية والزنادقة والثنوية ومن وافقهم على ذلك من البراهمة الغوية (1) ولأهل هذه الدرجة أقاويل مختلفة متناقضة وحجج عند أهل الحق داحضة يجمعهم الجحد بالربوبية والرسالة النبوية، ونحن نشهد لمن مات منهم على ذلك بالنار [61] وسخط الجبار، ولقصدنا إلى غيرهم نضرب صفحا عن ذكر صنوفهم وتفسيرهم
مسألة: والحجة على هؤلاء في الجحد بالربوبية فيما قدمنا ذكره في المسألة الجوهرية من الدلالة على حدث الجزء الذي لا يتجزأ وهو الجوهر الذي هو أصل كل الجسم كفاية ولمعارضاتهم وتعاليلهم رد لأهل التوحيد ن والله أعلم.
مسألة: والحجة عليهم في الرسالة النبوية فمن وجهين، عقلي، وسمى.
فالعقلي: وجوب التعبد فيما لا يوصل إلى بيانه إلا من رسول الله تعالى يعبر لعباه أوامر ونواهيه فهنالك يجب القطع بأنه سبحانه حكيم ن فإن الحكيم لا يبعث رسولا إلا صادقا فهذا.
صفحة ٧٩