مسألة: وإنما يصل إلى حقيقة هذا المعنى من اهتدى للفرق بين الجوهر وبين قسمه وعرف أن قسم الجوهر معنى غير الجوهر وعرف أن قوله القائل أيقدر البارئ أن يقسم الجوهر؟ سؤال عن القدرة على قسم الجوهر لا عن القدرة على الجوهر نفسه، فمتى عرف ذلك وعرف أن حقيقة الجوهر هو الجزء الذي لا يتجزأ ولا ينقسم وأنه لا قسم له كما أن الأعمى في الحقيقة هو الروحاني الذي لا يبصر، ما ر يبصر في الحقيقة فلا بصر له، عرف أنه لا يصح ولا يستقم أن يقال يقدر على أن يقسم الجوهر وعلى أن يعمى الأعمى، وإنما يلزم هذا من أقر بأن الجوهر لا ينقسم في علم الله إذا لا معنى للحقائق إلا ما علمه الله. فإن الأشياء عند الله في علمه قسمان: قسم منها قد علم أنه ينقسم فذلك هو الموصوف بالانقسام، وقسم منها قد علم أنه لا ينقسم فلا تصح إضافة القدرة إلى قسمه. كما أن جميع الأشياء على ضربين: ضرب يبصر وضرب لا يبصر، وضرب حي، وضرب غير حي، وضرب عاقل، ضرب غير عاقل، فلو صح أن يقال يقدر على من لا بصر له أو على إعدام من ليس بموجود، وسنستقصي إن شاء الله على شرح هذه المسألة وإيضاحها وبالله التوفيق.
صفحة ١٢