مسألة: أما قوله: فإن كان الطول الواحد وهو ينقسم لا أنه ينقسم، فالذي عندنا أن الجزء الواحد لا طوله فينبغي لنا نحن أن نبطله من حيث أوجبه هو، وهو في الاثنين، فنقول: اخبرنا عن طول الاثنين هو هما أو غيرهما. فإن قال: هو هما، فقد نفى العرض ودخل في مذهب هشام وأبي بكر الأصم، وقد بينا الرد عليهما. وأن قال: هو غيرها. قلنا: فإذا رفعه الله منهما يرتفعان أم لا؟ فإن قال: إنهما يرتفعان. فقد رجع إلى قوله في نفى الأعراض، إن قال: لا يرتفعان، فلنا: لا يرفع طولهما إلا بافتراقهما، فإذا رفعه الله عنهما بافتراقهما ليس كل واحد منها في نفسه لا طول له فلا يد من نعم، فيجب هنالك أن يكون كل جزء في نفسه لا يتجزأ لعدم شرط التجزئة وهو الطول.
مسألة: وأما قوله: فإن كان الطول لهما فكل واحد في نفسه له طول، وما كان له طول فهو ينقسم، فيجب أن تعتبر العلة الموجبة للطول ثم تنظر هل هي في الواحد، ولا معنى للطول إلا بسط خط ما، وقد فلنا إن الخط لا يكون إلا للجزأين إذا اتصلا فما كان للاثنين بشرط الاتصال لم يجز أن يكون لأحدهما فيه ما لهما جميعا وأن كان في كل واحد منهما معنى بعض الطول فليس بطول إلا بمجامعة مثله فليس بطول، وقدمنا في مثل هذا وهو الاجتماع والافتراق ما يدل على هذا إن شاء الله.
مسألة: وأما احتجاجهم بأن في نفى التجزؤ تشبيها بين الجزء الثاني، فلو وجب ذلك جاز أن يوصف المخلوق بأنه عالم بشيء ما على الحقيقة فيكون مشبها بعلام الغيوب في علمه بذلك، بل الشيء الذي فرق يسن هذين المعنيين قد فرق بين ذانك المعنيين، فالله تعالى عالم بنفسه لا يجوز عليه الجهل، المخلوق عالم بعلم غيره وقد يجوز عليه الجهل، كذلك الله [28] تعالى واحد لا يتجزأ، غير محدود ولا في مكان، ولا بتغير ولا تحله الحوداث.
والجوهر واحد لا يتجزأ، محدود، محيز، تجرى عليه الحوداث، فمن هاهنا افترقت الصفتان لا فتراق المعنيين، والله أعلم.
صفحة ٣٨