وأن أراد من أب، فالسؤال محال ما بينا في السؤال المحال. فالاحتراز من المعارضات في الجواب عن هذا الجنس بالوجهين جميعا، والاقتصار على الأغلب من الوجهين بعد الشرط، أرجو أنه كاف لاستحالة السؤال في الوجه المحال. فقد استقصينا طرفا من شرح المعاني المتعلقة بالسؤال ونبهنا على صحة الصحيح منه وفساد المحال.
فنأخذ الآن في الفصل الثاني وهو ما تعلق بهذه المسألة من المعاني الدالة على حقائقها وبالله التوفيق.
ثم الفصل الأول وهذا ابتداء الفصل الثاني إن شاء الله تعالى.
ينبغي الآن أن نقتصر في شرح هذا الفصل على الآثار الشاهرة المسنودة والمسائل الظاهرة الموجودة التي أيدها المسلمون وحكم فيها الأئمة المتقدمون الدالة على تحقيق ما قلناه وتصديق ما حكمنا به وأوردناه لأن هذه المسألة عظيم خطرها جليل قدرها تستبشع النفوس الوقوف عن جوابها قبل النظر في خطابها وتستفظع القلوب الليل إلى التفكر فيها والتأمل لمعانيها خوفا الشك ونفورا من الحصول في الخطأ والشرك.
أو ليس الله تعالى يقول: (ولا تقف ما ليس لك به علم)
وقد فيل: من أفتى بلا علم لعنته ملائكة السماء. فكيف يؤثر من له عقل يحجزه عن محارم الله المبادرة إلى الكلام فيما لا يعلم عن التفكر والنظر وتصفح ما لا يفهم بلا شيء يوجد في الأثر ن فنعوذ بالله من غلبة الأهواء أو مسامحة الآراء.
ومتى أوردنا المسائل المأثورة، واستشهدنا بالأصول المتهورة عن الأئمة الأبرار والعلماء الأخيار ارتفع النزاع وانقطع، واستنار الحق وسطع.
وإنما نحن متبعون غير مبتدعين ومقتدون غير مقلدين، وسنوصلها بما اتضح لنا عرفانه من حجج العقل، ونبرهنها بما لاح لنا برهانه من دلائل النقل بمهونة البارئ الكريم وتأييده الكافي العميم إن شاء الله عز وجل.
الباب السادس
باب بيان العالم وحقيقة العلم به والقدرة عليه والتحديد لأجزائه
صفحة ٢٠