جوامع الدعاء

تصانيف

سلسلة زاد المؤمن (٢) جوامع الدعاء تأليف د. خالد بن عبد الرحمن الجريسي تقديم العلاّمة الشيخ د/ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين

1 / 1

تقديم العلاّمة الشيخ د/ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين الْحَمْدُ لِلَّهِ الْمَلِكِ الْمَعْبُودِ الرَّحِيمِ الْوَدُودِ، فَتَحَ بَاَبَهُ لِلطَّالِبِينَ وَحَثَّ عَلَى دُعَائِهِ فِي كِتَابِهِ الْمُبِينِ، أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ وَأَشْكُرُهُ عَلَى فَضْلِهِ وَعَطَائِهِ وَعَلَى جَزِيلِ نَعْمَائِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَلاَ مُعِين، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الصَّادِقُ الأَمِينُ، ﷺ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ. وَبَعْدُ، فَقَدْ قَرَأْتُ هَذِهِ الرِّسَالَةَ فِي

1 / 5

(جَوَامِعِ الدُّعاءِ) اخْتَارَهَا وَجَمَعَهَا الشَّابُّ الصَّالِحُ - نَحْسِبُهُ كَذَلِك - الْمَدْعُوُّ خَاِلدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الجُرَيْسِيُّ، وَالَّذِي عَوَّدَ نَفْسَهُ الْبَحْثَ وَالْجَمْعَ وَالْكِتَابَةَ فَوَفَّقَهُ اللهُ لِمَا يُرِيدُ وَأَعَانَهُ وَسَدَّدَ خُطَاهُ، فَلَقَدِ انْتَقَى فِي هَذِهِ الرِّسَالَةِ جَوَامِعَ الدُّعَاءِ مِنَ الآيَاتِ وَالأَحَادِيثِ، وَوَفَّقَهُ اللهُ لاسْتِيفَاءِ الآيَاتِ الْمُتَضَمِّنَةِ لِلأَدْعِيَةِ الْجَامِعَةِ، وَلاخْتِيَارِ الأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الْمُحْتَوِيَةِ عَلَى الأَدْعِيَةِ الْمُفِيدَةِ، وَقَدَّمَ

1 / 6

قَبْلَ ذَلِكَ بَعْضَ الآدَابِ الَّتِي يَعْمَلُ بِهَا مَنْ يُرِيدُ الدُّعَاءَ رَجَاءَ أَنْ يُسْتَجَابَ لَهُ، وَكَذَا أَوْقَاتَ الإِجَابَةِ وَأَسْبَابَ ذَلِكَ، فَوَفَّقَهُ اللهُ وَسَدَّدَ خُطَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَى أَمْرِ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. كَتَبَهُ عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الجِبْرِين ١/ ٩/١٤٢١هـ

1 / 7

مقدّمة الْحَمْدُ للهِ الّذِي أَتْحَفَ عِبَادَهُ الْفُضَلاَءَ، وَامْتَنَّ عَلَيْهِمْ فَكَانُوا مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ وَالْوَفَاءِ، أَخْلَصُوا لَهُ الدُّعَاءَ وَأَثْنَوْا عَلَيْهِ أَعْظَمَ الثَّنَاءِ، فَزَادَهُمْ سُبْحَانَهُ آلاَءً فَوْقَ آلاَءٍ، وَنَجَّاهُمْ بِرَحْمَتِهِ مِنَ النَّارِ دَارِ الشَّقاءِ، وَأَسْكَنَهُمْ فَسِيحَ جَنَّاتِهِ دَارَ النَّعْمَاءِ. أَشْكُرُهُ تَعَالَى وَهُوَ حَسْبُنَا فِي كُلِّ حَالٍ وَكَفَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، شَهَادَةَ مَن نَّزَّهَ رَبَّهُ عَنِ الشِّركِ وَنَفَى،

1 / 9

وَأَقَرَّ لَهُ بِالْوَحْدَانِيَّةِ مُعْتَرِفا، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُه أَزْكَى الأَنَامِ شَرَفَا، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ الأَئِمَّةِ اْلحُنَفَا، وَالسَّادَةِ الشُّرَفَا، أَهْلِ الصِّدْقِ وَالْوَفَا، وَمَنِ اتَّبَعَهُمْ بِإِحْسَانٍ ولآِثَارِهِمُ اقْتَفَى. وَبَعْدُ، فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ الدُّعَاءُ خَيْرَ زَادٍ لِيَوْمِ الْمَعَادِ، ولِلْمُؤْمِنِينَ الْمُحْسِنِينَ أَعْظَمَ مُرَادٍ، وَهُوَ مُخُّ العِبَادَةِ الْمَرْجُوَّةِ لِيَوْمِ التَّنَادِ، فَقَدْ عَزَمْتُ - بِحَوْلِ اللهِ وَقُوَّتِهِ مُتَوَكِّلًا عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ - عَلَى

1 / 10

جَمْعِ أَدْعِيَةٍ مُهِمَّاتٍ مُسْتَحَبَّاتٍ فِي جَمِيعِ الأَْوْقَاتِ، وَلَمْ أَقْصِدِ اسْتِقْصَاءَ جَمِيعِ الأَْدْعِيَةِ الْمَأْثُورَة؛ فَهَذَا مُرَادٌ تَقْصُرُ دُونَهُ الْهِمَمُ، وَتَخْشَى مِنْ عَدَمِ اسْتِقْصَائِهِ الذِّمَمُ، وَقَدْ يَشُقُّ عَلَى أَخِي الْقَارِئِ قِرَاءَتَهُ فَضْلًا عَنْ حِفْظِهِ وَالدُّعاءِ بِهِ، لَذَا فَقَدِ اقْتَصَرْتُ فِي الْجَمْعِ والتَّرْتِيبِ عَلَى مَا كَانَ جَامِعًا مِنْهَا، مِمَّا يَسُرَ حِفْظُهُ وَعَظُمَ نَفْعُهُ إِنْ شَاءَ اللهُ، قَاصِدًا بِذَلِكَ التَّيْسِيرَ، وَقُرْبَ التَّنَاوُلِ فِي حَالَيِ الحِلِّ والتَّرْحَالِ،

1 / 11

وَسَمَّيتُهُ بَعَوْنِ اللهِ تَعَالَى: «جَوَامِعَ الدُّعاءِ»، وَهُوَ الْحَلْقَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ حَلَقَاتِ سِلْسِلَةِ [زادِ الْمُؤْمِنِ]، نَفَعَ اللهُ بِها. هَذَا، وَقَدْ جَاءَ تَرْتِيبُهُ عَلَى خَمْسَةِ فُصُولٍ بَعْدَ الْمُقَدِّمَةِ، كَالآْتِي: الأَوَّلُ: فِي حَقِّ الدُّعَاءِ وَفَضْلِهِ. الثَّانِي: فِي شُرُوطِ الدُّعَاءِ وَآدَابِهِ. الثَّالِثُ: فِي أَحْوَالٍ مُخْتَصَّةٍ بِالإِجَابَةِ. الرَّابِعُ: فِي أَدْعِيَةٍ مُخْتَارَةٍ مِنَ الْقُرَآنِ الْكَرِيمِ.

1 / 12

الخَامِسُ: فِي أَدْعِيَةٍ مُخْتَارَةٍ مِنْ السُّنَّةِ الْمُطَهَّرَةِ. هَذَا، وَقَدْ رَتَّبْتُ الأَدْعِيَةَ مِنَ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ - بِحَسَبِ وُرُودِهَا - بِتَرْتِيبِ السُّوَرِ، وَاقْتَصَرْتُ بَعْدَهَا فِي الأَدْعِيَةِ مِنَ السُّنَّةِ المُطَهَّرَةِ عَلَى بَعْضِ مَا صَحَّ مِنْهَا، أَوْ كَانَ حَسَنَ الرُّتْبَةِ، وَقَدْ أَوْرَدتُّها تَامَّةَ الضَّبْطِ، وَجَعَلْتُ تَخْرِيجَهَا فِي آخِرِ الْكُتَيِّبِ قَاصِدًا بِذَلِكَ تَوْجِيهَ هِمَّةِ الْقَارِئِ لِضَبْطِ نَصِّهَا، وَقَدْ عَمَدْتُ - بِحَوْلِ اللهِ - إِلَى تَسْجِيلِ

1 / 13

هَذِهِ الأَْدْعِيَةِ الْمُبَارَكَةِ صَوْتِيًّا؛ لِيَتَسَنَّى لِلْقَارِئِ حِفْظُهَا وَالدُّعَاءُ بِهَا، مُرِيدًا بِذَلِكَ وَجْهَ اللهِ تَعَالَى، وَحُسْنَ اتِّبَاعِ رَسُولِهِ ﷺ، رَاجِيًا حُصُولَ مَحَبَّةِ اللهِ سُبْحَانَهُ لِمَنْ كَتَبَ أَوْ قَرَأَ أَوْ حَفِظَ ذَلِكَ، أَوْ دَعَا بِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، إِنَّه وَلِيُّ ذَلِكَ سُبْحَانَهُ وَالْقَادِرُ عَلَيْهِ، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ. د. خالد بن عبد الرحمن الجريسي

1 / 14

الفصْلُ الأَوَّلُ حَقُّ الدُّعَاءِ وَفَضْلُهُ أَخِي الْقَارِئَ الْحَبِيبَ! إِنَّ الدُّعاءَ قَدْ حَوَى حَقِيقَةَ الْعِبَادَة، فَهُوَ: إِظْهَارُ الْعَبْدِ الاْفتِقَارَ إِلَى اللهِ، وَإِنَّ النَّاظِرَ - نَظْرَةَ تَدَبُّرٍ - لِلنُّصُوصِ الشَّرْعِيَّةِ يَجِدُهَا مُتَضَافِرَةً دَاعِيَةً لِفَهْمٍ ثَاقِبٍ لِحَقِّ الدُّعَاءِ وَفَضْلِهِ، وَإِنَّ لِكُلِّ حَقٍ حَقِيقَةً، كَمَا أنَّ لِكُلّ فَضْلٍ مَزِيدَ أَجْرٍ، وَبَيْنَ يَدَيْكَ - أَخِي الْقَارِئَ - بَعْضٌ مِنْ حَقِّ الدُّعَاءِ وَفَضْلِهِ، أُبَيِّنُهُ بِمَا يَأْتِي:

1 / 15

الدُّعاءُ هُوَ حَقِيقَةُ الْعِبَادَةِ: قال تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ﴾ [لقمَان: ٣٠]. وقال تعالى: ﴿وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلاَّ كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ *﴾. [لقمَان: ٣٢] وقال سبحانه: ﴿يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾ [السَّجدَة: ١٦]. وقال ﷿: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي

1 / 16

أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ *﴾. [غَافر: ٦٠] وقال تبارك شأنه: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾ [البَقَرَة: ١٨٦]. وقال ﵎: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا *يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا *وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا *﴾. [نُوح: ١٠ - ١٢]

1 / 17

وقال النَّبِيُّ ﷺ: «الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ» (١). الدُّعاءُ شفاعةُ الأنبياءِ في الآخرةِ: قال النبيُّ ﷺ: «لكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ يَدْعُو بِهَا، فَأُرِيدُ إِنْ شَاءَ اللهُ أَنْ أَخْتَبِئَ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لأمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (٢). الدُّعاءُ صلاةٌ: قال تعالى: ﴿وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا﴾. [الإسرَاء: ١١٠] قالت عائشةُ ﵂: (أُنْزِلَ ذَلِكَ فِي الدُّعَاءِ) (٣).

(١) أخرجه أبو داود؛ كتاب الوتر، باب: الدُّعاء، برقم (١٤٧٩)، عن النعمان بن بشير ﵄. والترمذي؛ كتاب الدعوات، باب: منه «الدعاء مخّ العبادة»، برقم (٣٣٧٢) عنه أيضًا. (٢) متفق عليه من حديث أبي هريرة ﵁: أخرجه البخاريّ؛ كتاب التوحيد، باب: في المشيئة والإرادة، برقم (٧٤٧٤). ومسلم، كتاب الإيمان، باب: اختباء النبيّ ﷺ دعوة الشفاعة لأمته، برقم (١٩٨). (٣) أخرجه البخاريّ، كتاب التفسير، باب: [الإسرَاء: ١١٠] ﴿وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا﴾، برقم (٤٧٢٣) عن عائشة ﵂. ومسلم، كتاب الصلاة، باب: التوسط في القراءة في الصلاة الجهريّة، برقم (٤٤٧) عنها أيضًا. واللفظ للبخاري.

1 / 18

وقال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾. [الأحزَاب: ٥٦] وقال سبحانه ﴿وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلاَ إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ﴾ [التّوبَة: ٩٩]. وقال تعالى: ﴿وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ﴾. [التّوبَة: ١٠٣] وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا أَتَاهُ قَوْمٌ بِصَدَقَتِهِمْ دَعَا لَهُمْ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِمْ» (٤). ومعنى الصَّلاةِ - فيما ذُكِرَ آنفًا - الدُّعاءُ بالرَّحمةِ (٥).

(٤) أخرجه البخاريّ، كتاب الزكاة، باب: صلاة الإمام ودعائه لصاحب الصدقة، برقم (١٤٩٧)، عن عبد الله ابن أبي أوفى ﵄. ومسلم؛ كتاب الزكاة، باب: الدُّعاء لمن أتى بصدقة، برقم (١٠٧٨) عنه أيضًا. واللفظ لمسلم. (٥) أفاده النووي في الأذكار، باب الأذكار المتعلقة بالزكاة.

1 / 19

الدُّعاءُ توبةٌ: قال تعالى: ﴿قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ *﴾. [البَقَرَة: ٣٧] وهو دعاء كما لا يخفى. الدُّعاءُ المقبولُ جالبٌ للنفعِ دافعٌ للضُّرِّ في الدَّارَيْنِ: قال تعالى: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً

1 / 20

وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ *﴾. [البَقَرَة: ٢٠١] وقال النبيُّ ﷺ، لمَّا طلبَتْ منه أمُّ سُلَيْمٍ ﵂ الدُّعاءَ لأنسٍ ﵁: «اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ، وَوَلَدَهُ، وَبَارِكْ لَهُ فِيمَا أَعْطَيْتَهُ» (٦). وكان ﵊ «يَدْعُو فِي الصَّلاَةِ فَيَتَعَوَّذُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَفِتْنَةِ الْمَمَاتِ، وَمِنَ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ» (٧).

(٦) متفق عليه من حديث أنس ﵁: أخرجه البخاريّ؛ كتاب الدعوات، باب: الدُّعاء بكثرة المال والولد والبركة، برقم (٦٣٧٨). ومسلم؛ كتاب فضائل الصحابة، باب: من فضائل أنس ابن مالك، برقم (٢٤٨٠). (٧) متفق عليه من حديث عائشة ﵂: أخرجه البخاريّ؛ كتاب الأذان، باب: الدُّعاء قبل السلام، برقم (٨٣٢). ومسلم؛ كتاب المساجد، باب: ما يستعاذ منه في الصلاة، برقم (٥٨٩).

1 / 21

الدُّعاءُ سِمَةُ المُحسنين: قال تعالى: ﴿وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾. [الأعرَاف: ٥٦] الدُّعاءُ أكرمُ شيءٍ على اللهِ تعالى: قال ﷺ: «لَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَمَ عَلَى اللهِ تَعَالَى مِنَ الدُّعَاءِ» (٨). وقال ﷺ: «إِنَّ رَبَّكُمْ ﵎ حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا [خَائِبَتَيْنِ]» (٩).

(٨) أخرجه الترمذي؛ كتاب الدعوات، باب: ما جاء في فضل الدُّعاء، برقم (٣٣٧٠) عن أبي هريرة ﵁. وقال: " حسن غريب". (٩) أخرجه أبو داود؛ كتاب الصلاة، باب: الدعاء، برقم (١٤٨٨) عن سلمان الفارسي ﵁. والترمذي، كتاب الدعوات، باب: «إن الله حييّ كريم»، برقم (٣٥٥٦)، عنه أيضًا، وقال: "حسن غريب، ورواه بعضهم ولم يرفعه". اهـ. وما بين الحاصرتين زيادة عند الترمذي.

1 / 22

الدُّعاءُ قد يردُّ القضاءَ: قال النبيُّ ﷺ: «لاَ يَرُدُّ الْقَضَاءَ إِلاَّ الدُّعَاءُ، وَلاَ يَزِيدُ فِي الْعُمُرِ إِلاَّ البِرُّ» (١٠). وقال ﷺ: «إِنَّ الدُّعَاءَ يَنْفَعُ مِمَّا نَزَلَ وَمِمَّا لَمْ يَنْزِلْ؛ فَعَلَيْكُمْ عِبَادَ اللهِ بِالدُّعَاءِ» (١١). دعاءُ المؤمنِ مستجابٌ يقينًا، وتجارةٌ رابحةٌ عاجِلًا أو آجِلًا: قال ﵊: «مَا عَلَى الأَرْضِ مُسْلِمٌ يَدْعُو اللهَ تَعَالَى بِدَعْوَةٍ إِلاَّ آتَاهُ اللهُ إِيَّاها -[إِمَّا أَنْ يُعَجِّلَهَا وَإمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ]- أَوْ صَرَفَ عَنْهُ

(١٠) أخرجه الترمذي، كتاب القدر، باب: ما جاء لا يرد القدر إلا الدعاء، برقم (٢١٣٩) عن سلمان ﵁. وقال: " حسن غريب ". (١١) أخرجه الترمذيُّ؛ كتاب: الدعوات، باب: من فُتِح له منكم باب الدعاء، برقم (٣٥٤٨)، عن ابن عمر ﵄.

1 / 23

مِنَ السُّوءِ مِثْلَهاَ، مَا لَمْ يَدْعُ بإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ، قَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: إِذًا نُكْثِرُ، قَالَ ﷺ: «اللهُ أَكْثَرُ» (١٢). اللهمَّ ما أكثَرْنا من دعائِك فأكثِرْ لَنا استجابةً؛ بتعجُّلٍ، أو ادِّخارٍ، أو صَرْفِ سُوءٍ، يا ربَّ العالمين.

(١٢) أخرجه الترمذي؛ كتاب الدعوات، باب في انتظار الفرَج وغير ذلك، برقم (٣٥٧٣)، عن عبادة بن الصامت ﵁. وأحمد في مسنده (٢/ ٤٤٨)، من حديث أبي هريرة ﵁، واللفظ المختار للترمذي، وقال: حديث حسن صحيح. وما بين الحاصرتين زيادة عند أحمد.

1 / 24