والنجم تستصغر الأبصار رؤيته ... والذنب للعين لا للنجم في الصغر ... مسألة : إن قيل : تقرر في الشرع، وفي علم الهيئة أن الأراضين سبع كالسموات، فلم يذكر في الكتاب العزيز الأرض؟ الجواب: إنه عليه وآله الصلاة والسلام رقى إلى السموات السبع فلتشريفها به ذكرت، أو لأن الانتفاع في أرض الدنيا فقط، بناء على أنها طبقات، ولم يتشرف به غيرها، وفي كتاب (( المواهب اللدنية )) قد جاء أن السموات تشرفت بموطىء قدميه صلى الله عليه وعلى آله وسلم، بل لو قال: أن جميع بقاع الأرض أفضل من جميع بقاع السماء، لشرفها بكونه صلى الله عليه وعلى آله وسلم حالا فيها لم يبعد، بل هو الظاهر المتعين، وحكاه بعضهم عن الأكثرين لخلق الأنبياء منها، ودفنهم فيها، لكن قال النووي: الجمهور على تفضيل السماء على الأرض ما عدا ما ضم الأعضاء الشريفة في حرم المدينة.
... مسألة: هل للمدينة حرم كما لمكة أم لا؟ الجواب: إنها ليست بحرم عندنا والمراد من الوارد: الحرمة الحاصلة بتوطينه عليه وآله الصلاة والسلام إياها، ودفنه فيها عليه وآله الصلاة والسلام. ومعنى حرمت: أي: وجبت حرمتها وحماها بإقامتي فيها، وصارت حمى محروسا من الآفات، كما ورد: ((على كل ثقب منها ملك يحرسها)) ولذا يصرف عنها الدجال، يؤيد أنه كان يوجد صغيرا بالمدينة، وكان عليه وآله الصلاة والسلام يقول له: ((يا أبا عمير ما فعل النغير؟)) فلو كانت كمكة ما جاز ذلك . قال الملا علي قاري في (( شرح لباب المناسك وعباب المسالك)) عند قوله: وإذا أردنا من حرم المدينة المشرفة، أي: حولها من الأماكن المحترمة، إذ لا حرم للمدينة عندنا كحرم مكة في أحكامها، قلت: فيما ورد من الأحاديث في ذلك ما يقضي للمدينة بأنها حرم كمكة في أحكامها، وقد أطال الكلام على ذلك السيد السمهودي في تاريخه الوفاء، وأنشد عليه بعضهم:
إن المدينة لا أشك كمكة ... ... حرم ولكن بالنبي تفضل
صفحة ١٥