قلت: فهذه عشرون قولا من أقوال المذكورين ، وقول كل واحد منهم على قدر علمه وهمته وحاله. والظاهر الذي لا يشك فيه: أن السيادة فيما يرجع إلى عرف الناس، وتختلف باختلاف أحوال الناس.
فالسيد عند المشايخ العارفين السادات: ما تقتضه أحوالهم المذكورات، والسيد عند العلماء الفضلاء من جميع المذاهب المشهورة: ما تقتضيه أقوالهم المذكورة.
ومن أقوال المشايخ المستحسنة، قول قطب المقامات العارف بالله سهل بن عبد الله رضي الله عنه، قال: لا يستحق الإنسان الرئاسة حتى يصرف جهله عن الناس، ويحمل جهلهم، ويترك ما في أيديهم، ويبذل ما في يده لهم.
قلت: والسيد عند أهل الدنيا: من تميز عنهم بأمر من أمورها التي
يعظمونها، كتولي أمر من أمور السلطنة يترفع به على من دونه، أو جمع مال يفوق به أقرانه، أو ترفع بدور وخدم وزينة، وأرض وحدائق نظيرة، وخيل وأنعام وحرف، وغير ذلك مما يعدونه من الأموال والجواهر النفاس، والشهوات التي زين حبها للناس، مما يتباهون به ويعظمونه، ويتنافسون فيه ويفخمونه.
والسيد الكامل عند العرب: من اجتمعت فيه صفات عديدة جميلة حميدة.
منها: الكرم والشجاعة، والرأي والحلم، وحسن الخلق، ورزانة العقل، على ما ظهر لي من سيرهم وأقوالهم، وفهمته من قرائن أحوالهم، وقد يكتفون بالثلاثة الأولى -أعني: الكرم، والشجاعة، والرأي-، وبالأولين منها، وبالأول منها.
صفحة ١١