( قال ) مسعر بن كدام فيما رويناه عنه بالأسانيد من جعل أبا حنيفة بينه وبين الله إماما رجوت أن لا يخاف وأن لا يكون فرط في الاحتياط لنفسه . وروى الطحاوي بسنده عن عبد الله بن داود الخربي وسأله رجل فقال ما عيب الناس فيه على أبي حنيفة فقال والله ما أعلمهم عابوا عليه في شئ إلا أنه قال فأصاب وقالوا فأخطئوا . وقال يحيي بن آدم سمعت الحسن بن صالح يقول كان النعمان بن ثابت فيما نعلم متثبتا فيه إذا صح عنده الخبر عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لم يعد إلى غيره . وقال أبو يوسف القاضي ما رأيت أعلم بتفسير الحديث من أبي حنيفة وقال يونس بن عبد الأعلى سمعت الشافعي رضي الله عنه يقول ما طلب أحد الفقه إلا وكان عيالا على أبي حنيفة - وقال الإمام مالك رضي الله عنه وقد سئل عنه رأيت رجلا لو كلمك في هذه السارية أن يجعلها ذهبا لقام بحجة . وكان الإمام أحمد بن حنبل كثيرا ما يذكره ويترحم عليه ويبكي في زمن محنته ويتسلى بضرب أبي حنيفة على القضاء وقال أبن البر في ( كتاب الانتقاء في فضائل الأئمة الثلاثة الفقهاء ) أبي حنيفة ومالك والشافعي رضي الله عنهم مثل يحيي بن معين وعبد الله أبن أحمد الدورقي يسمع من أبي حنيفة فقال يحيي بن معين هو ثقة ما سمعت أحدا ضعفه هذا شعبة بن الحجاج يكتب إليه يحدث بأمره وشعبة قال وكذا على أبن المديني أثنى عليه . وقال أبن عبد البر أيضا في كتاب بيان جامع العلم وقيل ليحيي أبن معين يا أبا زكرياء يا أبو حنيفة كان صدق في الحديث قال نعم صدوق قال وقال سواء كان شعبة حسن الرأي في أبي حنيفة قلت . وشعبة أول من تكلم في الرجال وقال يزيد بن هارون أدركت ألف رجل وكتبت عن أكثرهم ما رأيت فيهم أفقه ولا أروع ولا أعلم من خمسة أولهم أبو حنيفة . وقال أبو يوسف كان أبو حنيفة رحمه الله تعالى يختم القرآن في كل ليلة في ركعة . وفي رواية ويكون ذلك وتر . قال أبن عبد البر وقال أبن المديني أبو حنيفة ثقة لا بأس به . قال أبن عبد البر الذين رووا عن أبي حنيفة ووثقوه وأثنوا عليه أكثر من الذين تكلموا فيه والذين تكلموا من أهل الحديث أكثر ما عابوا عليه الإغراق في الرأي والقياس قال وكان يقال يستدل على نباهة الرجل من الماضين بتباين الناس فيه . قالوا ألا ترى إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه إنه هلك فيه فئتان محب أفريا ومبغض أفرط . وقد جاء في الحديث إنه يهلك فيه رجلان محب مطر ومبغض مكثر . قال هذه صفة أهل النباهة ومن بلغ في الفضل والدين الغاية . قال أبن عبد البر قال أبو داود السجستاني إن أبا حنيفة كان إماما وإن مالكا كان إماما وإن الشافعي كان إماما وكلام الائمة بعضهم في بعض يجب أن لا يلتفت إليه ولا يبرج عليه فيمن صحت إمامته وعظمت غب العلم غايته . ولقد أكثر أبن عبد البر في تصانيفه ولا سيما في هذا الكتاب النقل عن هذه الأئمة بثنائهم على الإمام أبي حنيفة وكذا غيره من الأئمة المعتبرين من أهل الحديث والفقه وقد بسطت ذلك في كتابي الكبير . قال أبن عبد البر وأبو حنيفة أقعد الناس بحماد بن أبي سليمان . |
فصل
صفحة ٣٠