396

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

تصانيف

قال * ع *: وطعمة بن أبيرق صرح بعد ذلك بالارتداد، وهرب إلى مكة، فروي أنه نقب حائط بيت؛ ليسرقه، فانهدم الحائط عليه، فقتله، ويروى أنه اتبع قوما من العرب، فسرقهم، فقتلوه.

[4.106]

وقوله تعالى: { واستغفر الله } ، ذهب الطبري إلى أن المعنى: استغفر من ذنبك في خصامك للناس.

قال * ع *: وهذا ليس بذنب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما دافع عن الظاهر، وهو يعتقد براءتهم، والمعنى: واستغفر للمؤمنين من أمتك، والمتخاصمين بالباطل، لا أن تكون ذا جدال عنهم، وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

" من جلس في مجلس، فكثر فيه لغطه، فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك: «سبحانك، اللهم، وبحمدك، لا إله إلا أنت، أستغفرك، وأتوب إليك، إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك» "

، رواه أبو داود والترمذي والنسائي والحاكم وابن حبان في «صحيحيهما»، وقال الترمذي، واللفظ له: حديث حسن صحيح غريب، ورواه النسائي والحاكم أيضا من طرق عن عائشة وغيرها . انتهى من «السلاح».

[4.107]

وقوله تعالى: { ولا تجدل عن الذين يختانون أنفسهم } ، لفظ عام يندرج تحته أصحاب النازلة، ويتقرر به توبيخهم، وفي قوله تعالى: { إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما }: رفق وإبقاء؛ فإن الخوان هو الذي تتكرر منه الخيانة؛ كطعيمة بن الأبيرق، والأثيم هو الذي يقصدها، فيخرج من هذا التشديد الساقط مرة واحدة، ونحو ذلك، واختيان الأنفس هو بما يعود عليها من الإثم والعقوبة في الدنيا والآخرة.

[4.108]

وقوله تعالى: { يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله... } الآية: الضمير في «يستخفون» للصنف المرتكب للمعاصي، ويندرج في طي هذا العموم أهل الخيانة في النازلة المذكورة، وأهل التعصب لهم، والتدبير في خدع النبي صلى الله عليه وسلم والتلبيس عليه، ويحتمل أن يكون الضمير لأهل هذه النازلة، ويدخل في معنى هذا التوبيخ كل من يفعل نحو فعلهم، قال صاحب «الكلم الفارقية، والحكم الحقيقية»: النفوس المرتكبة للمحارم؛ المحتقبة للمآثم، والمظالم؛ شبيهة بالأراقم، تملأ أفواهها سما، وتقصد من تقذفه عليه عدوانا وظلما، تجمع في ضمائرها سموم شرورها وضررها، وتحتال لإلقائها على الغافلين عن مكائدها وخدعها. انتهى.

صفحة غير معروفة