366

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

تصانيف

والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه

[الأعراف:58]، فالصعيد عندهم هو التراب، وهذه الطائفة لا تجيز التيمم بغيره، فمكان الإجماع أن يتيمم في تراب منبت طاهر غير منقول، ولا مغضوب، وترتيب القرآن الوجه قبل اليدين ، وبه قال الجمهور، وفي «المدونة»؛ أن التيمم ضربتان، وجمهور العلماء أنه ينتهي في مسح اليدين إلى المرافق.

[4.44-46]

وقوله سبحانه: { ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتب يشترون الضللة... } الآية: { ألم تر }: من رؤية القلب، وهي علم بالشيء، والمراد ب «الذين»: اليهود؛ قال قتادة وغيره، ثم اللفظ يتناول معهم النصارى، وقال ابن عباس: نزلت في رفاعة بن زيد بن التابوت اليهودي، والكتاب: التوراة والإنجيل، و { يشترون }: عبارة عن إيثارهم الكفر، وتركهم الإيمان، وقالت فرقة: أراد الذين كانوا يعطون أموالهم للأحبار على إقامة شرعهم، فهو شراء حقيقة، { ويريدون أن تضلوا السبيل } معناه: أن تكفروا.

وقوله سبحانه: { والله أعلم بأعدائكم } خبر في ضمنه التحذير منهم، { وكفى بالله وليا } ، أي: اكتفوا بالله وليا.

وقوله سبحانه: { من الذين هادوا } ، قال بعض المتأولين: «من» راجعة على «الذين» الأولى، وقالت فرقة: «من» متعلقة ب «نصيرا»، والمعنى: ينصركم من الذين هادوا، فعلى هذين التأويلين لا يوقف في قوله: «نصيرا»، وقالت فرقة: هي ابتداء كلام، وفيه إضمار، تقديره: قوم يحرفون، وهذا مذهب أبي علي، وعلى هذا التأويل يوقف في «نصيرا»، وقول سيبويه أصوب؛ لأن إضمار الموصول ثقيل، وإضمار الموصوف أسهل، وتحريفهم للكلام على وجهين، إما بتغيير اللفظ، وقد فعلوا ذلك في الأقل، وإما بتغيير التأويل، وقد فعلوا ذلك في الأكثر، وإليه ذهب الطبري، وهذا كله في التوراة؛ على قول الجمهور، وقالت طائفة: هو كلم القرآن، وقال مكي: هو كلام النبي صلى الله عليه وسلم، فالتحريف على هذا في التأويل.

وقوله تعالى عنهم: { سمعنا وعصينا } عبارة عن عتوهم في كفرهم وطغيانهم فيه، و { غير مسمع }: يتخرج فيه معنيان:

أحدهما: غير مأمور وغير صاغر؛ كأنهم قالوا: غير أن تسمع مأمورا بذلك.

والآخر: على جهة الدعاء، أي: لا سمعت؛ كما تقول: امض غير مصيب، ونحو ذلك، فكانت اليهود إذا خاطبت النبي صلى الله عليه وسلم ب { غير مسمع } ، أرادت في الباطن الدعاء عليه، وأرت ظاهرا؛ أنها تريد تعظيمه، قال ابن عباس وغيره نحوه، وكذلك كانوا يريدون منه في أنفسهم معنى الرعونة ، وحكى مكي معنى رعاية الماشية، ويظهرون منه معنى المراعاة، فهذا معنى لي اللسان، وقال الحسن ومجاهد: { غير مسمع } ، أي: غير مقبول منك، و { ليا }: أصله «لويا»، و { طعنا في الدين }: أي: توهينا له وإظهارا للإستخفاف به.

قال * ع *: وهذا اللي باللسان إلى خلاف ما في القلب موجود حتى الآن في بني إسرائيل، ويحفظ منه في عصرنا أمثلة إلا أنه لا يليق ذكرها بهذا الكتاب.

صفحة غير معروفة