330

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

تصانيف

وقوله سبحانه: { فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى... } الآية: استجاب بمعنى أجاب، روي أن أم سلمة (رضي الله عنها) قالت: يا رسول الله، قد ذكر الله تعالى الرجال في الهجرة، ولم يذكر النساء في شيء من ذلك، فنزلت الآية. وهي آية وعد من الله، أي: هذا فعله سبحانه مع الذي يتصفون بما ذكر، قال الفخر: روي عن جعفر الصادق؛ أنه قال: من حزبه أمر فقال خمس مرات: ربنا أنجاه الله مما يخاف، وأعطاه ما أراد، وقرأ هذه الآية؛ قال: لأن الله تعالى حكى عنهم؛ أنهم قالوا: ربنا؛ خمس مرات، ثم أخبر أنه استجاب لهم. انتهى.

وقوله تعالى: { بعضكم من بعض } ، يعني: في الأجر، وتقبل الأعمال، أي: أن الرجال والنساء في ذلك على حد واحد، قال الفخر: قوله سبحانه: { بعضكم من بعض } ، أي: شبه بعض، أو مثل بعض، والمعنى: أنه لا تفاوت في الثواب بين الذكر والأنثى؛ إذا استووا في الطاعة؛ وهذا يدل على أن الفضل في باب الدين، إنما هو بالأعمال، لا بسر صفات العاملين؛ لأن كونهم ذكرا أو أنثى، أو من نسب خسيس أو شريف لا تأثير له في هذا الباب. انتهى.

وبين سبحانه حال المهاجرين، ثم الآية بعد تنسحب على كل من أوذي في الله، وهاجر أيضا إلى الله إلى يوم القيامة.

وقوله سبحانه: { وأخرجوا من ديرهم }: عبارة فيها إلزام الذنب للكفار، واللام في قوله: { لأكفرن }: لام القسم، و { ثوابا }: مصدر موكد، وباقي الآية بين.

وقوله سبحانه: { لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلد... } الآية: نزلت: { لا يغرنك } في هذه الآية منزلة: «لا تظن»؛ أن حال الكفار حسنة، والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، والمراد أمته، والتقلب: التصرف في التجارات، والأرباح، والحروب، وسائر الآمال؛ وقوله: { نزلا }: معناه تكرمة.

وقوله تعالى: { وما عند الله خير للأبرار } يحتمل أن يريد: خير مما هؤلاء فيه، من التقلب والتنعم، ويحتمل أن يريد: خير مما هم فيه في الدنيا، وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم:

" الدنيا سجن المؤمن، وجنة الكافر "

قال القاضي ابن الطيب: هذا بالإضافة إلى ما يصير إليه كل واحد منهما في الآخرة، وقيل: المعنى أنها سجن المؤمن؛ لأنها موضع تعبه في الطاعة.

[3.199-200]

وقوله تعالى: { وإن من أهل الكتب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم خشعين لله } ، قال جابر بن عبد الله وغيره: هذه الآية نزلت بسبب أصحمة النجاشي سلطان الحبشة، آمن بالله، وبمحمد عليه السلام ، وأصحمة: تفسيره بالعربية: عطية؛ قاله سفيان وغيره، وقال قوم: نزلت في عبد الله بن سلام، وقال ابن زيد ومجاهد: نزلت في جميع من آمن من أهل الكتاب.

صفحة غير معروفة