" من سأل الله الشهادة بصدق، بلغه الله منازل الشهداء، وإن مات على فراشه "
، رواه الجماعة إلا البخاري، وعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من طلب الشهادة صادقا، أعطيها، ولو لم تصبه "
، انفرد به مسلم. انتهى من «سلاح المؤمن».
[3.159-160]
وقوله سبحانه: { فبما رحمة من الله لنت لهم }: معناه: فبرحمة، قال القشيري في «التحبير»: واعلم أن الله سبحانه يحب من عباده من يرحم خلقه، ولا يرحم العبد إلا إذا رحمه الله سبحانه، قال الله تعالى لنبيه عليه السلام : { فبما رحمة من الله لنت لهم }. اه.
قال * ع *: ومعنى هذه الآية التقريع لكل من أخل يوم أحد بمركزه، أي: كانوا يستحقون الملام منك، ولكن برحمة منه سبحانه لنت لهم، وجعلك على خلق عظيم، وبعثك لتتميم محاسن الأخلاق، ولو كنت فظا غليظ القلب، لانفضوا من حولك، وتفرقوا عنك، والفظ: الجافي في منطقه ومقاطعه، وفي صفته صلى الله عليه وسلم في الكتب المنزلة: «ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق»، والفظاظة: الجفوة في المعاشرة قولا وفعلا، وغلظ القلب: عبارة عن تجهم الوجه، وقلة الانفعال في الرغائب، وقلة الإشفاق والرحمة، والانفضاض: افتراق الجموع.
وقوله تعالى: { فاعف عنهم واستغفر لهم... } الآية: أمر سبحانه نبيه عليه السلام بهذه الأوامر التي هي بتدريج بليغ، فأمره أن يعفو عنهم فيما له عليهم من حق، ثم يستغفر لهم فيما لله عليهم من تبعة، فإذا صاروا في هذه الدرجة، كانوا أهلا للاستشارة.
قال * ع *: ومن لا يستشير أهل العلم والدين، فعزله واجب، هذا مما لا خلاف فيه، وقد وردت أحاديث كثيرة في الاستشارة، ومشاورته عليه السلام إنما هي في أمور الحرب والبعوث ونحوه من أشخاص النوازل، فأما في حلال، أو حرام، أو حد، فتلك قوانين شرع، ما فرطنا في الكتاب من شيء، والشورى مبنية على اختلاف الآراء، والمستشير ينظر في ذلك الخلاف، ويتخير، فإذا أرشده الله إلى ما شاء منه، عزم عليه، وأنفذه متوكلا على الله؛ إذ هو غاية الاجتهاد المطلوب منه، وبهذا أمر الله تعالى نبيه في هذه الآية، وصفة المستشار في الأحكام أن يكون عالما دينا، وقلما يكون ذلك إلا في عاقل، فقد قال الحسن ابن أبي الحسن: ما كمل دين امرىء لم يكمل عقله.
قال * ع *: والتوكل على الله سبحانه وتعالى من فروض الإيمان وفصوله، ولكنه مقترن بالجد في الطاعات، والتشمير والحزامة بغاية الجهد، وليس الإلقاء باليد وما أشبهه بتوكل، وإنما هو كما قال عليه السلام :
صفحة غير معروفة