الجواهر الحسان في تفسير القرآن

أبو زيد الثعالبي ت. 873 هجري
100

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

تصانيف

وهذا الوعد وانتجازه من أعلام نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

و { السميع } لقول كل قائل، و { العليم } بما ينفذه في عباده، و { صبغة الله }: شريعته ودينه وسنته، وفطرته، قال كثير من المفسرين: وذلك أن النصارى لهم ماء يصبغون فيه أولادهم، فهذا ينظر إلى ذلك، وقيل: سمي الدين صبغة؛ استعارة من حيث تظهر أعماله وسمته على المتدين؛ كما يظهر الصبغ في الثوب وغيره، ونصب الصبغة على الإغراء.

[2.139-141]

وقوله تعالى: { قل أتحاجوننا فى الله... } الآية: معنى الآية: قل يا محمد لهؤلاء اليهود والنصارى: أتحاجوننا في الله، أي: أتجادلوننا في دينه، والقرب منه، والحظوة لديه سبحانه، والرب واحد، وكل مجازى بعمله، ثم وبخهم بقوله: { ونحن له مخلصون } ، أي: ولم تخلصوا أنتم، فكيف تدعون ما نحن أولى به منكم.

وقوله تعالى: { أم تقولون } عطف على ألف الاستفهام المتقدمة، وهذه القراءة بالتاء من فوق قراءة ابن عامر، وحمزة، وغيرهما، وقرأ نافع وغيره بالياء من أسفل، «وأم» على هذه القراءة مقطوعة، ووقفهم تعالى على موضع الانقطاع في الحجة؛ لأنهم إن قالوا: إن الأنبياء المذكورين على اليهودية والنصرانية، كذبوا؛ لأنه قد علم أن هذين الدينين حدثا بعدهم، وإن قالوا: لم يكونوا على اليهودية والنصرانية، قيل لهم: فهلموا إلى دينهم؛ إذ تقرون بالحق.

وقوله تعالى: { قل ءأنتم أعلم أم الله } تقرير على فساد دعواهم؛ إذ لا جواب لمفطور إلا أن الله تعالى أعلم، { ومن أظلم ممن كتم شهدة } ، أي: لا أحد أظلم منه، وإياهم أراد تعالى بكتمان الشهادة، قال مجاهد وغيره: فالذي كتموه هو ما في كتبهم من أن الأنبياء على الحنيفية، لا على ما ادعوه، وقال قتادة وغيره: هو ما عندهم من الأمر بتصديق النبي صلى الله عليه وسلم والأول أشبه بسياق الآية، «ومن» متعلقة ب «عنده»، ويحتمل أن تتعلق ب «كتم».

{ وما الله بغفل.. } الآية: فيه وعيد وإعلام؛ أنه لا يترك أمرهم سدى، والغافل: الذي لا يفطن للأمور إهمالا منه، مأخوذ من الأرض الغفل، وهي التي لا معلم بها.

وقوله تعالى؛ { تلك أمة } الآية: كررها عن قرب؛ لأنها تضمنت معنى التهديد والتخويف، ولترداد ذكرهم أيضا في معنى غير الأول.

[2.142-143]

قوله تعالى: { سيقول السفهاء من الناس... } الآية: اختلف في تعيين هؤلاء السفهاء، فقال ابن عباس: هم الأحبار، وذلك أنهم جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا محمد، ما ولاك عن قبلتنا، ارجع إليها، نتبعك ونؤمن بك، يريدون فتنته، وقيل: اليهود والمنافقون، وقالت فرقة: هم كفار قريش.

صفحة غير معروفة