قاسيناه من التعب في فتح مقفله وحل معضله. ولقد اقتحمت بحره الزاخر وخضت لجته ولا سابق لي جعل لطرقه منارًا، ولا شارح له من قبل يكشف عن خرائده أستارًا. بل كان من الحور المقصورات في الخيام والدرة التي لم تجعل على طرف التمام منذ تأليفه إلى أن شرعت في الكلام عليه واستضأت بنجوم ما لدي من كتب هذا الفن. وبينما أنا كذلك إذ بصرت بمختصر هذا الكتاب للعلامة الفقيه الأصولي سليمان بن عبد القوي الطوفي الصرصري ثم البغدادي وشرحه له، فكنت كثيرًا ما استضئ بنبراس هذا الشرح وأفكر فيه وفي مقاصده، وأشاركه في الكتب التي استمد شرحه منها، فربما وافقته في كثير من العبارات كما وافق غيره فيها، وأكثر النظر في المستصفى للإمام الغزالي لأن جُل ما في الروضة مأخوذ منه، وأراجع كتاب التمهيد للإمام أبي الخطاب وذلك عندما ينقل المصنف عنه.
وأما بقية كتب الأصول كشرح مختصر التحرير للعلامة الفتوحي، وشروح مختصر ابن الحاجب، وشرح الإسنوي على منهاج البيضاوي، وأصول الحنفية والشافعية، وكتاب الواضح للإمام أبي الوفاء علي بن عقيل البغدادي فقد كانت مراجعتي بها قليلة، لأن الموفق رحمه الله تعالى سلك طريق صاحب المستصفى ولم يسلك طرق هؤلاء، فلذلك لم ترجع مراجعة تلك الكتب بكثير فائدة بالنسبة إلى حل عقد عباراته، وما يذكره من الدليل والتعليل، وأما بالنسبة إلى القواعد فإن تلك الكتب بحر زاخر ومطر مدرار. فرحم الله الجميع منهم.
ثم إني مارست هذا الكتاب منفردًا عن كثرة المواد، والخل الصادق المواد.
مع ترادف بلايا ومحن وحسد حتى على الوجود في هذا الكون، واندراس العلم وقبض العلماء، وارتفاع راية الجهل والتضليل، وهضم حقوق الحق. فطالما كنت أتوقف في الجملة من كلام الشيخ أيامًا وأستعين بالله تعالى.
ولا يخفى علو مكانة هذا الفن ولطف مداركه وصعوبة معتركه، فإنه فن
1 / 22