كيف المخرج لمن ترك هذه السنة القولية الفعلية التواترية التي قد تلقتها الأمة المحمدية بالقبول والتسليم وعملت بها هذه الأمة على الإطلاق من غير نكير منهم لها لا موافق في الدين القويم ولا مخالف على ما بلغنا في ذلك عنهم، ومضى على ذلك عملهم لها خلفا بعد سلف من لدن مظهرها العامل بها سيد العرب والعجم محمد " والخلفاء الراشدين من بعده إلى هلم جرا، أعني استبداد المؤذن بالإقامة عن الإمام وما جاء في ذلك من الأحاديث عنه " لا يخفى عليك وكيف الجواب عن أصحابنا المشارقة إذا سأل عن تركهم هذه السنة القولية الفعلية سائل، أو ناقش مناقش، أو باحث مباحث إذا لم يكن عنده دليل يقاوم دليلهم عنه " وكيف يليق بأولئك العلماء الكبار الذين جازوا السبق على من سواهم من العلماء بنور ذكائهم وجودة قرائحهم وقوة تثبتهم مع تسديد الله لهم وتوفيقه لهم على مناهج الحق وصون الدين القويم من أن يتطرق عليه خلل من تطرق العبث في أقل القليل من أصوله وفروعه وهم الجم الغفير في العلم والورع والحزم والتصلب الذي لا غاية له، تركهم هذه السنة الفعلية القولية من غير دليل لم يذكروه في مصنفاتهم الفائقة، وعقائدهم الواثقة، وسيرهم الرائقة، ومن عادتهم الزهراء ، وسيرتهم الغراء ، أن لا يتركوا مجملا إلا وقد بينوه إذا دعت الحاجة لذلك، ولا مشكل إلا وأوضحوه في أقل ما يكون من المسائل الفقهية وكسب هذه المسألة من أمهات مسائل الدين على قول من قال إنها فرض عين، أما الحقير فلا يتصور في عقله أنهم تركوا هذه السنة من غير دليل معتمدين عليه في ذلك فإن كنت قد اطلعت عليه، فارشد الحقير إليه ليخل منه هذه الأشكال ولك الفضل من الله وما تقول أنت ؟ أما في انتزاع الإمام الإقامة من المؤذن قول الإمام على " المؤذن أملك بالأذان والإمام أملك بالإقامة وهو أخذه من السنة وروى ابن عدي عن أبي هريرة بسند ضعفه أن رسول الله " قال " المؤذن أملك بالأذان والإمام أملك بالإقامة، وفي "الوضع" يقيم المؤذن أو غيره، وفي أبي مسألة يقيم المؤذن إن كان أو غيره هكذا وجدته والله أعلم بمراد صاحب الوضع وأبي مسألة، ولعل أصحابنا المشارقة لهم دليل في ذلك لم تطلع عليه لعدم اطلاعنا على جل كتبهم جزاهم الله عن الإسلام وأهله خيرا، وفي غالب ظني أنهم لم يعدلوا عن فضل التأسي به " إلا بدليل يقاوم ذلك فضلا وقد خصص بعضهم ثماني ركعات عموم صلاة الضحى على الاثنتي عشرة ركعة مع ما روى عنه " " الصلاة خير موضوع فمن شاء فليكثر ومن شاء فليقلل " فمن أين خصصوا عموم هذا الحديث إلا من فعل التأسي به عليه " أنه كان يصل الضحى ثماني ركعات وإن ثبت في الرواية عن ذلك من التأسي به " من أفعاله وأقواله كما لا يخفى على أمثالكم وفي أي زمان ترك المؤذن الإقامة عند أصحابنا المشارقة في القرن الأول والثاني أو الثالث أو في أيها من القرون وفي عهد أي من العلماء ؟ تفضل شيخنا بكشف ذلك كله يتضح لنا ذلك كله كالشمس رابعة النهار ولك الفضل .
صفحة ١٥٨