الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح
محقق
علي بن حسن - عبد العزيز بن إبراهيم - حمدان بن محمد
الناشر
دار العاصمة
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤١٩هـ / ١٩٩٩م
مكان النشر
السعودية
تُخَالِفُ مَا بُعِثَ بِهِ، وَافْتَرَقُوا فِي ذَلِكَ فِرَقًا مُتَعَدِّدَةً، وَكَفَّرَ فِيهَا بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فَلَمَّا بُعِثَ مُحَمَّدٌ ﷺ كَذَّبُوهُ، فَصَارُوا كُفَّارًا بِتَبْدِيلِ مَعَانِي الْكِتَابِ الْأَوَّلِ وَأَحْكَامِهِ، وَتَكْذِيبِ الْكِتَابِ الثَّانِي، كَمَا يَقُولُ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ: إِنَّ دِينَهُمْ مُبَدَّلٌ مَنْسُوخٌ، وَإِنْ كَانَ قَلِيلٌ مِنَ النَّصَارَى كَانُوا عِنْدَ مَبْعَثِ مُحَمَّدٍ ﷺ مُتَمَسِّكِينَ بِدِينِ الْمَسِيحِ، كَمَا كَانَ الَّذِينَ لَمْ يُبَدِّلُوا دِينَ الْمَسِيحِ كُلِّهِ عَلَى الْحَقِّ، فَهَذَا كَمَا أَنَّ مَنْ كَانَ مُتَّبِعًا شَرْعَ التَّوْرَاةِ عِنْدَ مَبْعَثِ الْمَسِيحِ كَانَ مُتَمَسِّكًا بِالْحَقِّ كَسَائِرِ مَنِ اتَّبَعَ مُوسَى، فَلَمَّا بُعِثَ الْمَسِيحُ صَارَ كُلُّ مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِهِ كَافِرًا، وَكَذَلِكَ لَمَّا بُعِثَ مُحَمَّدٌ ﷺ صَارَ كُلُّ مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِهِ كَافِرًا.
وَالْمَقْصُودُ فِي هَذَا الْمَقَامِ: بَيَانُ مَا بُعِثَ بِهِ مُحَمَّدٌ ﷺ مِنْ عُمُومِ رِسَالَتِهِ، وَأَنَّهُ نَفْسَهُ الَّذِي أَخْبَرَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَرْسَلَهُ إِلَى أَهْلِ الْكِتَابِ وَغَيْرِهِمْ، وَأَنَّهُ نَفْسَهُ ﷺ دَعَا أَهْلَ الْكِتَابِ، وَجَاهَدَهُمْ وَأَمَرَ بِجِهَادِهِمْ، فَمَنْ قَالَ بَعْدَ هَذَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى: أَنَّهُ لَمْ يُبْعَثْ إِلَيْنَا، بِمَعْنَى أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ إِنَّهُ مَبْعُوثٌ إِلَيْنَا، كَانَ مُكَابِرًا جَاحِدًا لِلضَّرُورَةِ مُفْتَرِيًا عَلَى الرَّسُولِ فِرْيَةً ظَاهِرَةً تَعْرِفُهَا الْخَاصَّةُ وَالْعَامَّةُ.
وَكَانَ جَحْدُهُ لِهَذَا كَمَا لَوْ جَحَدَ أَنَّهُ جَاءَ بِالْقُرْآنِ، أَوْ شَرَعَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ، وَصَوْمَ رَمَضَانَ، وَحَجَّ الْبَيْتَ الْحَرَامَ؛ وَجَحْدُ مُحَمَّدٍ ﷺ، وَمَا تَوَاتَرَ عَنْهُ أَعْظَمُ مِنْ جَحْدِ أَتْبَاعِ الْحَوَارِيِّينَ
1 / 369