مجموع الإمام القاسم بن محمد عليه السلام (القسم الأول)
تصانيف
وزعم قوم أن النهي في العقود لا يدل على صحة ولا بطلان، قالوا: لأن الصحة هي أن يترتب على العقد ثمراته، والبطلان عدم ترتب ثمرات العقد عليه، والنهي إنما يفيد معناه اللغوي، وأهل اللغة لا يعرفون ثمرات العقود الشرعية لولا تعريف الشرع.
والجواب والله الموفق: أنه قد ثبت بالاستقراء المفضي إلى العلم أن النهي عند أهل اللغة يفيد رفع الإذن ، وذلك كاف في بطلان العقود لرفع الإذن بها، ألا ترى لو أن سيدا أذن لعبده في صناعة لا يعرفها أهل اللغة ثم نهاه عنها! إن ذلك يفيد رفع الإذن بها بلا إشكال كذلك هذا.
وقال آخرون كأبي حنيفة ومحمد بن الحسن الشيباني: [إن النهي في العقود يدل على الصحة قالوا: لأنه إذا لم يفد النهي الصحة لم يصح الخطاب به؛ لأن المنع على الممتنع لا يصح كالمنع من طلوع السماء.
والجواب والله الموفق]: أن النهي في العقود قد أفاد رفع الإذن بها كما تكرر فالمنع إنما كان لأجل رفع الإذن، ولولا رفع الإذن لكان ممكنا فلا يمتنع الخطاب به لذلك بخلاف طلوع السماء فإنه غير ممكن [ولو أراد الإذن به تقديرا] فالفرق ظاهر.
صفحة ١٧٤