مجموع الإمام القاسم بن محمد عليه السلام (القسم الأول)
تصانيف
وعن الهادي عليه السلام في (الأحكام) أيضا أنه قال: (وقد كان صلى الله عليه وآله وسلم يطعم اليهود ويهب لهم وهم به كافرون، ولما جاء به من الحق جاحدون، اللهم إلا أن يستثني الناذر غير العدل لم يجز أن يطعم، والوجه نحو ما تقدم، وإن كان الوافد المذكور يتوصل به إلى فعل محظور أو مضرة أحد من المسلمين أو من أهل الذمة لم يجز؛ لأن ذلك من المعاونة له على فعله، والله يقول: {ولا تعاونوا على الإثم والعدوان}[المائدة:2] ولا يقال: إن المعاونة تفتقر إلى القصد؛ لأنه خلاف المعلوم من استقراء لغة العرب حسبما قررته في كتاب (التحذير) ولنذكر من ذلك قوله تعالى: {ويعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم وكان الكافر على ربه ظهيرا}[الفرقان:55] أي معينا، والكفار لا قصد لهم على المظاهرة التي هي المعاونة على الله بدليل قوله: {ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى}[الزمر:3].
وقال السائل: فإذا لم يصح الإطعام وذلك حيث خولف قصد الناذر أو كان يتوصل به إلى معصية فعلى من الضمان؟ أعلى المتولي؟ أم على الآكل؟
والجواب والله الموفق: أنه يجب على الوالي للمشهد ضمان ما أخرجه من ذلك لتعديه، ولا يظهر في مثل ذلك اختلاف، وعلى الآكل قيمة ما أكل لبيت المال؛ لأنه حينما استهلكه الوالي متعديا بذلك ولم يتمكن من رده إلى المصرف وقيل الغرامة لتصير لبيت المال، والأصل في ذلك خبر شاة الأسارى، وليس من كان غير عدل بمصرف لبيت المال على ما تقرر في أثناء الجواب.
صفحة ١٧٠