وإذا صح ذلك وثبت فلا يكون نائما أبدا، ولا يكون إلا يقظانا فهما؛ لأنه إن كان كذلك فإنما أراد الله بإرقائه إلى السماء التعبير له والكرامة، وليريه من عجائب خلقه، وعظيم فعله، ما حجبه عن غيره، ولم يكرم به سواه.
فإذا كان نائما في ذلك كله؛ فلم ينتفع بشيء مما صعد إلى السماء له، ولم ير شيئا مما ينتفع به؛ فلذلك استحال أن يكون نائما كما قال من جهل.
[معنى: فكان قاب قوسين]
وسالت عن قول الله سبحانه: {فكان قاب قوسين أو أدنى} [النجم: 9].
الجواب: أن الذي صار قاب قوسين أو أدنى هو جبريل صلى الله عليه، فكان في هذا الموقف قد دنى من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في صورته التي هو عليها مع الملائكة المقربين، حتى كان من الرسول قاب قوسين أو أدنى.
ومعنى {قاب قوسين} فهو: مقياس رميتين بالقوس في الهواء، فدنى منه صلى الله عليهما حتى كان في الموضع الذي ذكره الله تبارك وتعالى فيه؛ {فأوحى إلى عبده ما أوحى}[النجم: 10] مما أرسله الله به من الأشياء.
فهذا تفسير ما عنه سألت من قوله: {قاب قوسين أو أدنى}.
[ما يجزي الأعجمي من المعرفة]
وسالت عن عجمي لا يحسن إلا سورة أو سورتين من القرآن (فقلت)(1): هل يجزيه(2) إذا عرف أصل التوحيد؟
فلعمري إن ذلك مجز كاف؛ إذا أقام بالسورتين أو الثلاث ما أمره الله به من الصلاة بحدودها، وأدى ما أوجب الله من ركوعها وسجودها، وكان في ذلك موحدا لربه، عارفا مع ذلك لعدله، مصدقا لوعده ووعيده، عارفا بالحق وأهله، تاركا لمعاصي ربه، مؤديا لفرائض إلهه؛ فإذا كان(3) كذلك فهو من المسلمين، وعند الله إن شاء الله من الناجين، ولم يضره عجمة لسانه، إذا أقام له قلبه دعائم أديانه.
[ما يجزي المرأة من المعرفة]
صفحة ٧٥٧