وهذا قول مختلف؛ لأن معنى من لم(1) ينله الإحسان من العطاء والكسوة في مضي الحكم عليه خلاف من لم يستمع ما فيه حياته من العلم والهدى.
وسنبين لك إن شاء الله القول في المعنيين، ونوضح لك القول في المسألتين، ونوضح لك فعل الإمام في الحالين.
فأما من لم تبلغه الدعوة، وتقم عليه بذلك الحجة، ويعلم ما يحل وما يحرم، وما يجب به عليه الحد عند الإمام، فلا نذيقه بأسنا، ولا نجري عليه حدودنا، حتى نعلمه ما به تقوم عليه الحدود، وتلزمه العقوبات اللازمة.
فإذا علم ذلك وأتى عليه، وعرف ماله وما عليه فيه، وأتى قولنا على سمعه، وثبت إعذارنا وإنذارنا في قلبه؛ ثم أتى بعد ذلك ما عنه نهاه الواحد الرحمن، واجترأ على ما يجب فيه الحد في القرآن، أقمنا عليه بما أوجب الله من الأدب، من بعد أن فهم وأبصر، وأيقن وخبر.
فأما أن نقيم الحدود على من لم يعلم حلالا من حرام، ولم يقف على ما فيه الحدود(2) من الآثام؛ فليس ذلك قولنا، ولا ولله الحمد طريقتنا، وكذلك فعل الله في خلقه، وحكمه على بريته، وحجته على خليقته؛ فلا تقع ولا تجب إلا بعد تعريف الله عباده إياها وإيقافه لهم عليها.
صفحة ٧٣٤