الجواب في ذلك أن الملائكة فيما سمعنا وبلغنا والله أعلم وأحكم خلقت من الريح والهوى، وأما الشياطين فخلقت مما قال الله وحكى؛ {من مارج من نار}[الرحمن: 15]. والمارج فهو خالص لهب النار، والذي هو يمرج من لهبها، ويتقطع في الهواء منها، عند ارتفاع اللهب وعلوه، فيذهب في الهواء قطعا قطعا، ويتفصل من اللهب(1) تفصلا، يستبان ذلك ويعرف عند تأجج النار وتوقدها، وعظمها وارتفاع لهبها، فعند ارتفاع اللهب وعلوه يخلص خالصه، ويمرج مارجه، ويتقطع المارج من اللهب، ويتفصل مارج النار من لهبها، ويذهب في الهواء متقطعا، وذلك فهو مارج النار الذي ذكر الرحمن أنه خلق منه الجان.
والجان فهو الجن، والجن فهي الشياطين، وإنما سميت جنا وجانا لا ستجنانها عن أبصار الآدميين، واستجنانها فهو غيبتها، فلما كانت بغيبتها مستجنة سميت باستجنانها جانا. ألا تسمع كيف قال إبليس في آدم عليه السلام حين يقول: {أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين}[الأعراف: 12 ، ص: 76]. فهذا دليل على ما به قلنا. وأدل منه قول الله تبارك وتعالى: {وخلق الجان من مارج من نار}[الرحمن: 15] وهذا مما لا شك(2) فيه ولا امتراء، والحمد لله العلي الأعلى.
[معنى: يوم تبدل الأرض غير الأرض والسما وات]
وسألت عن قول الله سبحانه: {يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات}[إبراهيم: 48].
صفحة ٧٢٦