بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
وَبِه نستعين وَعَلِيهِ نتوكل
مَا تَقول السَّادة الْعلمَاء الَّذين ﵃ أَجْمَعِينَ فِي رجلَيْنِ تباحثا فِي الحَدِيث الْمَرْوِيّ فِي الْحَمد لله حمدا يوافي نعمه ويكافيء مزيده
فَقَالَ الآخر لقَائِل هَذَا الحَدِيث الرب ﷾ يَقُول ﴿وَإِن تعدوا نعْمَة الله لَا تحصوها﴾ وَقد ثَبت عَن النَّبِي ﷺ أَنه كَانَ يَقُول لَا أحصي ثَنَاء عَلَيْك أَنْت كَمَا أثنيت على نَفسك
1 / 19
فَقَالَ لَهُ رَاوِي الحَدِيث الأول من لم يُوَافق على هَذَا الحَدِيث تَيْس وحمار وجاهل
فَهَل هَذَا الحَدِيث الأول الَّذِي رَوَاهُ فِي الْحَمد لله حمدا يوافي نعمه ويكافيء مزيده الصَّحِيح أم لَا وَمن الْمُصِيب من الرجلَيْن وليبسط القَوْل مثابين افتونا مَأْجُورِينَ رحمكم الله
أجَاب شَيخنَا الإِمَام الْعَالم شمس الدّين مُحَمَّد بن أبي بكر الْحَنْبَلِيّ الْحَمد لله هَذَا الحَدِيث لَيْسَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَلَا فِي أَحدهمَا وَلَا يعرف فِي شَيْء من كتب الحَدِيث الْمُعْتَمدَة وَلَا لَهُ إِسْنَاد مَعْرُوف
1 / 20
وَإِنَّمَا يرْوى عَن أبي نصر التمار عَن آدم أبي الْبشر وَلَا يدْرِي كم بَين أبي نصر وآدَم إِلَّا الله تَعَالَى
قَالَ أَبُو نصر قَالَ آدم يَا رب شغلتني بكسب يَدي شَيْئا من مجامع الْحَمد وَالتَّسْبِيح فَأوحى الله إِلَيْهِ يَا آدم إِذا أَصبَحت فَقل ثَلَاثًا وَإِذا أمسيت فَقل ثَلَاثًا الْحَمد لله رب الْعَالمين حمدا يوافي نعمه ويكافيء مزيده فَذَلِك مجامع الْحَمد وَالتَّسْبِيح فَهَذَا لَو رَوَاهُ أَبُو نصر التمار عَن سيد ولد آدم ﷺ لما قبلت رِوَايَته لانْقِطَاع الحَدِيث فِيمَا بَينه وَبَين رَسُول الله ﷺ فَكيف بروايته عَن آدم
وَقد ظن طَائِفَة من النَّاس أَن هَذَا الْحَمد بِهَذَا اللَّفْظ أكمل حمد حمد الله بِهِ وأفضله وأجمعه لأنواع الْحَمد وبنوا على هَذَا مَسْأَلَة فقهية فَقَالُوا مَسْأَلَة لَو حلف إِنْسَان ليحمدن الله بِمَجَامِع الْحَمد وَأجل
1 / 21
المحامد فطريقه فِي بر يَمِينه أَن يَقُول الْحَمد لله حمدا يوافي نعمه ويكافيء مزيده
قَالُوا وَمعنى يوافي نعمه أَي يلاقيها فَتحصل النعم مَعَه ويكافيء مَهْمُوز أَي يُسَاوِي مزيده نعمه وَالْمعْنَى أَنه يقوم بشكر مَا زَاد من النعم وَالْإِحْسَان وَالْمَعْرُوف من الْحَمد الَّذِي حمد الله بِهِ نَفسه وحمده بِهِ رَسُوله ﷺ وسادات العارفين بِحَمْدِهِ من أمته لَيْسَ فِيهِ هَذَا اللَّفْظ الْبَتَّةَ الْحَمد فِي الْقُرْآن الْكَرِيم
كَقَوْلِه تَعَالَى ﴿الْحَمد لله رب الْعَالمين الرَّحْمَن الرَّحِيم مَالك يَوْم الدّين﴾
وَقَوله ﴿فَقطع دابر الْقَوْم الَّذين ظلمُوا وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين﴾
وَقَوله ﴿وَقضي بَينهم بِالْحَقِّ وَقيل الْحَمد لله رب الْعَالمين﴾ وَقَوله حِكَايَة عَن الحمادين من عباده أَن قَالُوا ﴿الْحَمد لله الَّذِي هدَانَا لهَذَا وَمَا كُنَّا لنهتدي لَوْلَا أَن هدَانَا الله﴾
1 / 22
وَقَوله تَعَالَى فِي حَمده لنَفسِهِ الَّذِي أَمر رَسُول الله ﷺ أَن يحمده بِهِ ﴿وَقل الْحَمد لله الَّذِي لم يتَّخذ ولدا وَلم يكن لَهُ شريك فِي الْملك وَلم يكن لَهُ ولي من الذل وَكبره تَكْبِيرا﴾
فَهَذَا حَمده الَّذِي أنزلهُ على عَبده ارْتَضَاهُ لنَفسِهِ وَأمر رَسُوله أَن يحمده بِهِ وَقَالَ تَعَالَى حامدا لنَفسِهِ الْحَمد لله الَّذِي أنزل على عَبده الْكتاب وَلم يَجْعَل لَهُ عوجا قيمًا لينذر بَأْسا شَدِيدا من لَدنه ويبشر الْمُؤمنِينَ الَّذِي يعْملُونَ الصَّالِحَات أَن لَهُم أجرا حسنا
وَقَالَ ﴿قل الْحَمد لله وَسَلام على عباده الَّذين اصْطفى﴾
وَقَالَ الْحَمد لله الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الأَرْض وَله الْحَمد فِي الْآخِرَة وَهُوَ الْحَكِيم الْخَبِير
وَقَالَ الْحَمد لله فاطر السَّمَوَات وَالْأَرْض جَاعل الْمَلَائِكَة رسلًا أولي أَجْنِحَة مثنى وَثَلَاث وَربَاع يزِيد فِي الْخلق مَا يَشَاء إِن الله على كل شَيْء قدير
وَقَالَ ﴿وَهُوَ الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمد فِي الأولى وَالْآخِرَة وَله الحكم وَإِلَيْهِ ترجعون﴾
1 / 23
وَقَالَ فسبحان الله حِين تمسون وَحين تُصبحُونَ وَله الْحَمد فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض وعشيا وَحين تظْهرُونَ
وَقَالَ يسبح لله مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الأَرْض لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير
وَقَالَ عَن أهل الْجنَّة ﴿وَقَالُوا الْحَمد لله الَّذِي صدقنا وعده وأورثنا الأَرْض نتبوأ من الْجنَّة حَيْثُ نشَاء فَنعم أجر العاملين﴾
وَقَالَ ﴿الْحَمد لله الَّذِي أذهب عَنَّا الْحزن إِن رَبنَا لغَفُور شكور﴾
فَهَذَا حَمده لنَفسِهِ الَّذِي أنزلهُ فِي كِتَابه وَعلمه لِعِبَادِهِ وَأخْبر عَن أهل جنته بِهِ وَهُوَ آكِد من كل حمد وَأفضل وأكمل كَيفَ يبر الْحَالِف فِي يَمِينه بالعدول إِلَى لفظ لم يحمد بِهِ نَفسه وَلَا ثَبت عَن رَسُول الله ﷺ وَلَا عَن سَادَات العارفين من أمته
وَالنَّبِيّ ﷺ كَانَ إِذا حمد الله فِي الْأَوْقَات الَّتِي يتَأَكَّد فِيهَا الْحَمد لم يكن يذكر هَذَا الْحَمد الْبَتَّةَ كَمَا فِي حمد الْخطْبَة وَالْحَمْد الَّذِي تستفتح بِهِ الْأُمُور وكما فِي تشهد الْحَاج وكما فِي الْحَمد
1 / 24
عقب الطَّعَام وَالشرَاب واللباس وَالْخُرُوج من الْخَلَاء وَالْحَمْد عِنْد رُؤْيَة مَا يسره وَمَا لَا يسره
فروى البُخَارِيّ فِي صَحِيحه عَن أبي أُمَامَة أَن النَّبِي ﷺ كَانَ إِذا رفع مائدته قَالَ الْحَمد لله حمدا كثيرا طيبا مُبَارَكًا فِيهِ غير مكفي وَلَا مُودع وَلَا مُسْتَغْنى عَنهُ
وَفِي لفظ آخر فِي هَذَا الحَدِيث كَانَ إِذا فرغ من طَعَامه قَالَ الْحَمد الله الَّذِي كفانا وآوانا غير مكفي وَلَا مكفور
1 / 25
فَلَو كَانَ قَوْله الْحَمد لله حمدا يوافي نعمه ويكافيء مزيده أجل من هَذَا الْحَمد وَأفضل وأكمل لاختاره وَعدل إِلَيْهِ فَإِنَّهُ لم يكن يخْتَار إِلَّا أفضل الْأُمُور وأجلها وأعلاها
وَسَأَلت شَيخنَا عَن قَوْله غير مكفي فَقَالَ الْمَخْلُوق إِذا أنعم عَلَيْك بِنِعْمَة أمكنك أَن تكافيه بالجزاء أَو بالثناء وَالله ﷿ لَا يُمكن أحدا من الْعباد أَن يكافيه على إنعامه أبدا فَإِن ذَلِك الشُّكْر من نعمه أَيْضا أَو نَحْو هَذَا من الْكَلَام
فَأَيْنَ هَذَا من قَوْله فِي الحَدِيث الْمَرْوِيّ عَن آدم حمدا يوافي نعمه ويكافيء مزيده
وَقَوْلهمْ إِن مَعْنَاهُ يلاقي نعمه فَتحصل مَعَ الْحَمد كَأَنَّهُمْ أَخَذُوهُ من قَوْلهم وافيت فلَانا بمَكَان كَذَا وَكَذَا إِذا لاقيته فِيهِ ووافاني إِذْ لَقِيَنِي
1 / 26
وَالْمعْنَى على هَذَا يلتقي حَمده بنعمه وَيكون مَعهَا وَهَذَا لَيْسَ فِيهِ كَبِير أَمر وَلَا فِيهِ أَن مسبب الْحَمد النعم وحالها وَإِنَّمَا فِيهِ اقترانه بهَا وملاقاته لَهَا اتِّفَاقًا وَمَعْلُوم أَن النعم تلاقيها من الْأُمُور الاتفاقية مَا لَا يكون سَببا فِي حُصُولهَا فَلَيْسَ بَين هَذَا الحَدِيث وَبَين النعم ارتباط يرْبط أَحدهمَا بِالْآخرِ بل فِيهِ مُجَرّد الموافاة والملاقاة الَّتِي هِيَ أَعم من الاتفاقية والسببية معنى يكافي مزيده
وَكَذَلِكَ قَوْلهم يكافي مزيده أَي يكون كفوا لمزيده وَيقوم بشكر مَا زَاده الله من النعم وَالْإِحْسَان وَهَذَا يحْتَمل معنى صَحِيحا وَمعنى فَاسِدا
فَإِن أُرِيد أَن حمد الله وَالثنَاء عَلَيْهِ وَذكره أجل وَأفضل من النعم الَّتِي أنعم بهَا على العَبْد من رزقه وعافيته وَصِحَّته والتوسعة عَلَيْهِ فِي دُنْيَاهُ فَهَذَا حق يشْهد لَهُ قَوْله ﷺ مَا أنعم الله على عبد بِنِعْمَة فَقَالَ الْحَمد لله إِلَّا كَانَ مَا أعْطى أفضل مِمَّا أَخذ رَوَاهُ ابْن مَاجَه فَإِن حَمده لوَلِيّ الْحَمد نعْمَة أُخْرَى هِيَ أفضل وأنفع لَهُ وأجدى
1 / 27
عائده من النِّعْمَة العاجلة فَإِن أفضل النعم وأجلها على الْإِطْلَاق نعْمَة مَعْرفَته تَعَالَى وحمده وطاعته فَإِن أُرِيد أَن فعل العَبْد يكون كفو النعم ومساويا لَهَا بِحَيْثُ يكون مكافئا للنعم عَلَيْهِ وَمَا قَامَ بِهِ من الْحَمد ثمنا لنعمه وقياما مِنْهُ بشكر مَا أنعم عَلَيْهِ بِهِ وتوفية لَهُ فَهَذَا من أمحل الْمحَال فَإِن العَبْد لَو أقدره الله على عباده الثقلَيْن لم يقم بشكر أدنى نعْمَة عَلَيْهِ بل الْأَمر كَمَا روى الإِمَام أَحْمد فِي كتاب الزّهْد حَدثنَا عَن الرَّحْمَن قَالَ ثَنَا الرّبيع ابْن صبيح عَن لحسن قَالَ قَالَ دَاوُد النَّبِي لَو أَن لكل شَعْرَة مني لسانين تسبحانك اللَّيْل وَالنَّهَار والدهر كُله مَا قضيت حق نعْمَة وَاحِدَة
1 / 28
قَالَ الإِمَام أَحْمد وَحدثنَا عبد الرَّحْمَن قَالَ حَدثنَا جَابر بن زيد عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة قَالَ لما أنزل على دَاوُد اعْمَلُوا آل دَاوُد شكرا وَقَلِيل من عبَادي الشكُور قَالَ يَا رب كَيفَ أُطِيق شكرا وَأَنت الَّذِي تنعم عَليّ ثمَّ ترزقني على النِّعْمَة الشُّكْر ثمَّ تزيدني نعْمَة بعد نعْمَة فالنعمة مِنْك يَا رب وَالشُّكْر مِنْك فَكيف أُطِيق شكرك قَالَ الْآن عَرفتنِي يَا دَاوُد فَمن ذَا الَّذِي يقوم بشكر ربه الَّذِي يسْتَحقّهُ سُبْحَانَهُ فضلا عَن أَن يكافيه
1 / 29
وَمن هَاهُنَا يعرف قدر الْحَمد الَّذِي صَحَّ عَن رَسُول الله ﷺ من قَوْله غير مكفي وَلَا مُودع وَلَا مُسْتَغْنى عَنهُ رَبنَا وفضله على الحَدِيث الْمَسْئُول عَنهُ وَنحن نشرح الحَدِيث ثمَّ نعود إِلَى الْمَقْصُود فَنَقُول وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق شرح حَدِيث الْحَمد
روى قَوْله غير مكفي بِوَجْهَيْنِ بِالْهَمْز وَعَدَمه وخطئت رِوَايَة الْهَمْز فَإِنَّهُ اسْم مفعول من الْكِفَايَة فوجهه غير مكفي كمرمي ومقضي أَو من المكافاة فالمفعول مِنْهُ مكفا كمرما من راماه ومساعا من ساعاه أَو من كَفاهُ يَكْفِيهِ فمفعول مكفي كمرمي من رميت وَالصَّوَاب أَنه بِغَيْر الْهَمْز وَاخْتلف هَل ذَلِك وصف للطعام وعائد عَلَيْهِ أَو هُوَ حَال من اسْم الله فَيكون وَصفا فِي الْمَعْنى على قَوْلَيْنِ
فَقَالَ ابْن قرقول فِي مطالعه المُرَاد بِهَذَا كُله الطَّعَام وَإِلَيْهِ يعود الضَّمِير
1 / 30
قَالَ الْحَرْبِيّ المكفي الْإِنَاء المقلوب للاستغناء عَنهُ كَمَا قَالَ غير مُسْتَغْنى عَنهُ وَغير مكفو غير محوية نعْمَة الله فِيهِ بل مشكور غير مَسْتُور الِاعْتِرَاف بهَا وَالْحَمْد عَلَيْهَا
وَالْقَوْل الثَّانِي إِن ذَلِك عَائِد إِلَى الله سُبْحَانَهُ قَالَ وَذهب الْخطابِيّ إِلَى أَن المُرَاد بِهَذَا كُله الْبَارِي تَعَالَى وَأَن الضَّمِير يعود إِلَيْهِ
1 / 31
وَأَن معنى قَوْله غير مكفي أَنه يطعم وَلَا يطعم كَأَنَّهُ هَاهُنَا من الْكِفَايَة
وَإِلَى هَذَا ذهب غَيره فِي تَفْسِير هَذَا الْحَرْف أَنه مستغن عَن معِين وظهير
قَالَ وَمعنى قَوْله وَلَا مُودع أَي غير مَتْرُوك الطّلب إِلَيْهِ وَالرَّغْبَة وَهُوَ معنى المستغني عَنهُ وينتصب رَبنَا على هَذَا بالاختصاص والمدح أَو تَأْكِيدًا كَأَنَّهُ قَالَ يَا رَبنَا اسْمَع حمدنا ودعاءنا
من رفع قطع وَجعله خَبرا كَأَنَّهُ قَالَ ذَلِك رَبنَا أَو أَنْت رَبنَا وَيصِح فِيهِ الْكسر على الْبَدَل من الِاسْم فِي قَوْله الْحَمد لله انْتهى كَلَامه
وَفِيه قَول ثَالِث أَن يكون قَوْله غير مكفي وَلَا مُودع للحمد كَأَنَّهُ قَالَ حمدا كثيرا غير مكفي وَلَا مُودع وَلَا مُسْتَغْنى عَن هَذَا الْحَمد
1 / 32
معنى قَوْله وَلَا مُودع
وَقَوله وَلَا مُودع أَي غير مَتْرُوك وعَلى هَذَا القَوْل فَيكون قَوْله غير مكفي مَعْنَاهُ غير مَصْرُوف ومقلوب عَن جِهَته كَمَا يكفأ الْإِنَاء بل حمد على وَجهه الَّذِي يسْتَحقّهُ ولي الْحَمد وَأَهله ويليق بِهِ وَلَا يَنْبَغِي لسواه إِعْرَاب وَلَا مُسْتَغْنى عَنهُ رَبنَا
وَأما إِعْرَاب رَبنَا فبالوجوه الثَّلَاثَة وَالْأَحْسَن فِي رَفعه أَن يكون خَبرا مقدما ومبتدأ وَقَوله وَلَا مُسْتَغْنى عَنهُ وَالْأَحْسَن فِي جَرّه أَن يكون بَدَلا من الضَّمِير الْمَجْرُور فِي عَنهُ وَالْأَحْسَن فِي نَصبه أَن يكون على الْمَدْح صفة لاسم الله تَعَالَى
وَسمعت شَيخنَا تَقِيّ الدّين ابْن تَيْمِية قدس الله روحه يَقُول فِي معنى هَذَا الحَدِيث الْمَخْلُوق إِذا أنعم عَلَيْك بِنِعْمَة أمكنك أَن تكافيه ونعمه لَا تدوم عَلَيْك بل لَا بُد ويقطعها عَنْك ويمكنك أَن تَسْتَغْنِي عَنهُ وَالله ﷿ لَا يُمكن أَن تكافيه على نعمه وَإِذا أنعم عَلَيْك أدام نعمه فَإِنَّهُ هُوَ أغْنى وأقنى وَلَا يَسْتَغْنِي عَنهُ طرفَة عين هَذَا كَلَامه
وَالْمَقْصُود ذكر الْحَمد الَّذِي كَانَ النَّبِي ﷺ يحمد ربه بِهِ فِي مَوَاطِن الْحَمد
٢ - وَعَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن النَّبِي ﷺ كَانَ إِذا فرغ من طَعَامه قَالَ الْحَمد لله الَّذِي أطعمنَا وأسقانا وَجَعَلنَا مُسلمين رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيره
1 / 33
٣ - وَعَن أبي أَيُّوب قَالَ كَانَ رَسُول الله ﷺ إِذا
1 / 34
أكل أَو شرب قَالَ الْحَمد لله الَّذِي أطْعم وَسَقَى وسوغه وَجعل لَهُ مخرجا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَإِسْنَاده
٤ - وَفِي السّنَن أَيْضا عَن معَاذ بن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله ﷺ من أكل طَعَاما فَقَالَ الْحَمد الله الَّذِي أطعمنَا هَذَا من غير حول مني وَلَا قُوَّة غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه
1 / 35
قَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن
٥ - وَفِي سنَن النَّسَائِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن جُبَير أَنه رجل خدم النَّبِي ﷺ ثَمَان سِنِين أَنه كَانَ يسمع النَّبِي ﷺ إِذا قرب إِلَيْهِ طَعَاما يَقُول بِسم الله وَإِذا فرغ من طَعَامه
1 / 36
قَالَ اللَّهُمَّ أطعمت وسقيت وأغنيت وأقنيت وهديت وأحييت فلك الْحَمد على مَا أَعْطَيْت وَإِسْنَاده صَحِيح
٦ - وروى أَبُو دَاوُد فِي السّنَن من حَدِيث عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ عَن النَّبِي ﷺ أَنه كَانَ يَقُول فِي الطَّعَام إِذا فرغ الْحَمد لله الَّذِي من علينا وهدانا وَالَّذِي أشبعنا وأروانا
1 / 37
٧ - وَكَذَلِكَ الحَدِيث الَّذِي رَوَاهُ أهل السّنَن بِالْإِسْنَادِ الصَّحِيح عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ علمنَا رَسُول الله ﷺ خطْبَة الْحَاجة الْحَمد لله نستعينه وَنَسْتَغْفِرهُ ونعوذ بِاللَّه من شرور أَنْفُسنَا من يهده الله فَلَا مضل لَهُ وَمن يضلل الله فَلَا هادي لَهُ وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله اتَّقوا الله الَّذِي تسْأَلُون بِهِ والأرحام إِن الله كَانَ عَلَيْكُم رقيبا يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله حق تُقَاته وَلَا تموتن إِلَّا وَأَنْتُم مُسلمُونَ يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله وَقُولُوا قولا سديدا يصلح لكم أَعمالكُم وَيغْفر لكم ذنوبكم وَمن يطع الله وَرَسُوله فقد فَازَ فوزا عظميا
٨ - وَشرع النَّبِي ﷺ لمن رأى مبتلى أَن يَقُول مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي ﷺ أَنه قَالَ
1 / 38