وعن الثانية بأن الآية من سورة الروم وهي مكية، وتحريم الربا والتشديد فيه إنما كان بالمدينة، فسبيل الربا سبيل الخمر في وقوع تحريمه على التدريج، فاقتُصِر أولًا على قوله: ﴿فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ﴾، ثم نزلت عقب غزوة أحد قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً﴾، ثم كان النبي ﵌ يبين بعض ما يتعلق بالربا على حسب ما يقتضيه الحال. ثم نزلت آيات البقرة.
وفي «البخاري» (^١) وغيره عن ابن عباس أنها آخر آية أُنزلت. وروي كما في «الفتح» (^٢) أنه ﵌ لم يَعِشْ بعدها إلا إحدى وعشرين، وقيل: تسع ليال، وقيل: سبعًا.
وفي «البخاري» (^٣) وغيره من حديث عائشة: «لمَّا نزلت الآيات من آخر سورة البقرة في الربا فقرأها رسول الله ﵌ على الناس، ثم حرَّم التجارة في الخمر». وثَمَّ ما يدل على أن تحريم التجارة في الخمر قد كان قبل ذلك، فكأن النبي ﵌ إنما أعاده عند نزول آية الربا تنبيهًا على المشابهة بينهما. والله أعلم.
على أنه إن كان الربا في اللغة يشمل الزيادة [ق ١٣] الملتمسة بالهدية، فالأولى أن يقال: إن الربا في آية الروم يعمُّ النوعين. وارجعْ إلى ما تقدَّم في عبارة «اللسان».