الاخر قدر عرض شعرة كل واحد منهما قد قام بواجبه ؛ وأدى رسالته ؛ وعمل بالمنهاج المقرر له من جده وأبيه والصك الذي تسلمه في اول يوم من امامته ، اذا أردت التوسع في معرفة عظمة الحسن سلام الله عليه وشجاعته ، وبسالته ، وقوة قلبه ، وشدة عارضته ، وبليغ حجته ، وعدم اكتراثه بزخارف الملك ، وابهة السلطان ، فانظر الى كلماته واحتجاجاته في مجلس معاوية مع رؤوس المنافقين ، وضروس الكفرة الملحدين الذين كان معاوية يحرش بينهم وبين الحسن ليضحك على ذقونهم ، كابن العاص وابن شعبة ومروان ونظرائهم من زبانية جهنم الذين ما آمنوا بالله طرفة عين ، انظرها واعجب بها ماشئت هناك تتمثل لك العظمة في أوج رفعتها ، وتتصور لك البسالة في موج لجتها ، وان شئت المزيد فانظر الى كلماته ساعة الموت ويوم انطلاقه من هذا السجن. الكلمات التي قالها لاخيه محمد بن الحنفية في حق أخيه الحسين ، هنا لك تنفتح لك اغلاق اسرار الامامة ، ويتضح لديك اشراق أنوار النبوة الزعامة ، وتعرف المرعوية النبوية والولاية الكلية هنا لك الولاية لله «
** والنبي أولى بالمؤمنين من انفسهم
وقد زحف القلم ، وخرج عن المحدد واشتمر عن قصد الجادة وجادة القصد ، انما القصارى التي اردتها من كلمتي هذه ان العداوة بين بني هاشم وبني امية متأصلة هي عداوة الهدى للضلال ، والنور للظلام ؛ ويشهد لذلك أنك لو استعرضت سيرة بني أمية من أولهم من عبد شمس الى آخرهم مروان الحمار لم تجد في صحيفة الكثير بل الاكثر منهم الا الغدر والمكر ونكث العهود ، والفسق والفجور ، والعهر والخنا وأنباء الزنا الى كل ما يتحمله لفظ الرذيلة من المعاني.
واذا استعرضت سيرة بني هاشم من أولهم ليومنا هذا لم تجد في صحيفة الكثير بل الأكثر منهم الا كلما تحمله لفظ الفضيلة من الوفاء والصدق والشجاعة والعفة ،
صفحة ٩٦