قال الشيخ أبو الفرج: كان القتال للنصف من شهر رمضان قال الذهبي قال عثمان بن محمد إني لأحسب محمدا قتل يومئذ بنفسه بيده سبعين رجلا وروى المنصور بالله -عليه السلام-أن امرأة عباسية نصبت على القبة راية وأمرت عبيد لها يصيحوا الهزيمة قد أتوكم من خلفكم فانهزموا ولم يبقى إلا الإمام وحده فضربه رجل على ذقنه فسقطت لحيته على صدره ثم رمى بنشابه في صدره فحملوا عليه من كل جانب فقتل -عليه السلام-وأجهز عليه حميد بن قحطة كان -عليه السلام-قد وصل إليه كتاب من هراة أن انفذ إليا أحد إخوتك فأرسل ولده عبد الله الأشتر في أربعين أو خمسين رجلا إلى هراة، وكان أخوه إبراهيم قد وصل البصرة في شهر رمضان واخذ البيعة لأخيه واستولى على البصرة حتى ورد نعي الإمام أول يوم من شوال وهو يريد أن يصلي بالناس صلاة العيد، فصلى بهم ثم رقى المنبر واختطب ونعى محمد وبكى الناس ولما نزل بايعه علماء البصرة وعبادها واختصت المعتزلة به مع الزيدية ولازموا مجلسه وتولوا أعماله ولما بلغ المنصور ظهوره نزل الكوفة ليأمن أغايلة أهلها، وجعل يقتل كل من اتهمه ويحبسه وقال الفقيه حميد فلما انتظم أمره وقويت صولته جهز أبو جعفر عيسى بن موسى في العساكر الكثيفة، فلما بلغ إبراهيم أجمع للمسير إليهم فأشير عليه بالوقوف في البصرة فأبى، وصار نحوهم واستخلف على البصرة ابنه الحسن بن إبراهيم، وقيل: له بيت أبا جعفر وهو بالكوفة فقال أكره البيات ورتب عسكره -عليه السلام-بباخمرا فكان على ميمنته عيسى بن زيد وعلى ميسرته (....ص35) برد وهو في القلب في الفقهاء والعلماء فكان جملة عسكره اثني عشر ألف رجل وسبعمائة فارس ولم يأوي المنصور إلى فراشه خمسين ليلة وكل يوم يرد عليه فتق من ناحية ومائة ألف سيف كامنة بالكوفة وقيل له اهجم الكوفة فقال: أخاف إن هجمتها أن يستباح الصغير والكبير وشرع القتال فانهزم جيش المنصور حتى بلغه العلم وقرب بجانبه للهرب فلما رأى الإمام -عليه السلام-ما نزل بهم من القتل أمر برد الرايات فظنوها هزيمة، فعطفوا عليها وكانت الهزيمة انهزم أصحاب عيسى وبقي وحده فنجى وثبت إبراهيم في القلب واشتد القتال حتى إذا كان أخر النبار رفع -عليه السلام-المغفر من الحر فجاء سهم فوقع في رأسه فاعتنق فرسه واحتوشته الزيدية وأنزلوه وأخذه بشير الرجال إلى حجره وهو يقول وكان أمر الله قدرا مقدورا، وأحاطوا به فأنكروا إحاطتهم وصدموهم حتى حزوا رأسه -عليه السلام-وقتل بشير -رحمه الله- معه قال أبو الفرج صبر مع إبراهيم أربعمائة يضاربون دونه حتى قتلوا وأرسلوا برأسه إلى أبي جعفر وهو يتوقع الهزيمة وكان ذلك في الخامس والعشرين من ذي القعدة وعمره ثماني وأربعين سنة.
وفيها مات الأجلح الكندي وإسماعيل بن أبي خالد البجلي وعمر بن ميمون الجريري،ويحيى بن سعيد التميمي،وفيها مات في سجن منصور الحسن بن الحسن بن الحسن، وإبراهيم بن الحسن بن الحسن، والعباس بن الحسن بن الحسن، وعلي بن الحسن بن الحسن بن الحسن -عليه السلام-.
سنة 146: في صفر منها تحول المنصور بغداد، وفيها توفي أشعث بن
عبد الملك الحمرني وعوف البصري وكان من الشيعة كثير الحديث ومحمد بن السايس الكلبي صاحب الأخبار والتفسير الكبير ولا أكبر من تفسيره وهشام بن عمرو بن الزبير.
سنة 147: فيها باع عيسى بن موسى الخلافة بعشرة آلاف درهم،
وفيها توفي عبد الله بن علي عم المنصور، بنى عليه المنصور وجعل الأساس ملحا وأرسل عليه الماء فقتله وعبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر المدني.
صفحة ٣٤