الثالثة: الحمية في الباطل وتجب في الحق، وقد روي أن هلاك الأمة في الحمية، وأنه يهلك ستة منها بست خصال: الأمراء بالجور، والأغنياء بالكبر، والعلماء بالحسد، والتجار بالخيانة، والعرب بالحمية، وأهل الرسائق بالجهد.
الرابع: الجهل لما وجب عليه، والجهل إما بسيط: " وهو عدم إدراك الصورة أو النسبة أو كليهما ولا يخلوا منه إلا الله "، ومن قال: " هو عدم تصور الشيء "، فمراده بالتصوير ما يشمل النسبة، وإما مركب: " وهو تصوير الشيء على خلاف ما هو به في الواقع"، فهو مركب من عدم معرفته ومن تصوره على خلاف وصاحبه لا يدري ولا يدري أنه لا يدرك.
وللكفر أركان وهي أربعة:
الأول: " الرغبة فيما يحل "، كالأخذ من غير حق، والمنع من غير حق، وأما الرغبة في الخير فمأمور بها وما ابتغاه فضل الله من الوجوه الجائزة وأكل الملاذ والملابس الحسنة والمركب الحسن والمسكن الحسن فمباحة، ويجتنب ما قد تحر إليه مما لا يحل، قال سبحانه وتعالى: ( قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق ) (لأعراف: من الآية32).
الثاني: " الرهبة المحرمة "، كأن يخاف الفقر فيمنع حقوق الله أو حقوق العباد، أو يخشى الناس فداهنهم، قال الله جل وعلا:( فلا تخشوا الناس واخشون ). (المائدة: من الآية44)، ومن لم يذكر حقوق العباد فلأنها أيضا حقوق الله من حيث أنه أمر بأدائها.
وبين الرغبة والرهبة عموم وخصوص مزوجة، تختص الرغبة بالأخذ من غير حق، وتختص الرهبة بالمداهنة، ويشتركان في المنع من غير حق، وأولى أن يسقط من حد الرغبة المنع من غير حق و إلا فلم لا يزاد في الرهبة الأخذ من غير حق.
والمداهنة حرام وهي بذل الدين لأجل الدنيا والمداراة جائزة، ونهى بذل الدنيا لأجل المدين ونهى مأمور بها كما أن الرهبة من الله واجبة.
صفحة ٥٣