يجب توحيد الله على الملائكة وكل بالغ صحيح العقل من الإنس والجن أول بلوغه، وهو أول واجب وهو أن يقر ويعتقد أن لا إله إلا الله وأن محمد بن عبد الله رسوله وأن ما جاء به حق من عند الله.
ولا يجزي فيه الاعتقاد، وقيل: يجزي.
وذكر الثلاثي وغيره أن من قال: يجزي منافق ويتم. قيل: ولو بلا معرفة الملائكة والأنبياء والكتب والموت والبعث والجنة والنار والحساب والعقاب ما لم يسع بذلك أو يسأله أحد عنه أو يخطر بباله، وحجته أنه صلى الله عليه وسلم يكتب إلى الناس لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ولا يكتب إليهم عشرة الأقاويل ونحوها.
وهو الذي أقول به حتى اطلعت أنه مذهب الإمام عبد الرحمن وعمروس وأبي خرز.
وقيل: لا يتم إلا بمعرفة ذلك، وقيل: أنها بولاية الجملة وبراءة الجملة، وعليه فمن لم يواليها أو يبرأ منها أشرك شركا لا تحرم به زوجته ولا تجري عليه أحكام الشرك.
وكذا من لم يعلم حرمة أموال المسلمين ودماءهم ونحو ذلك كمن لم يعرف آدم والملل الست وأحكامها، وكذا من أشرك زلة بجهل لا عمدا بخصلة شرك، وكذا من خطر له أو سئل عن مثله مما يشرك بجهله ولم يعلمها فإنه يشرك، ولا تحرم زوجته ويذهب يسأل.
وإطلاق التوحيد على مجرد أفراد الله تغلب للأعظم أو تسمية البعض باسم الكل، فإن التوحيد كل مركب مما ذكر وجزى لأنه يمنع نفس تصويره من وقوع الشركة فيه، فكل من الأفراد وما معه شطور بها شروط، ولو قيل: أنه بسيط وأنه مجرد الأفراد، وما ذكره معه شروطها شطور تصح عند بعض فرق الإباضية، وهم من يدعي نفاق منكر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعليه فيستمد التوحيد لغة وشرعا.
وأما الشرك فكلى لأن تصوره لا يمنع من وقوع الشركة فيه لأن له جزئيات يصح إطلاق اسمه على كل منها على الحقيقة شرعا، وقد تسمى الخصلة الواحدة توحيدا أو إيمانا؛ أي تصديقا تسمية للجزء باسم الكل، أو الشرط باسم المشروط إذا شرط الانتفاع بالتوحيد، تلك الخصال الفورية أو الحاضرة.
صفحة ٥