وكان من عمل الحميدي في كتابه تقسيمُ أحاديث كلّ صحابيّ إلى: المتّفق عليه عندهما، ثم ما انفرد به كلّ واحد منها، وكان يحكم على بعض الروايات، وينقل بعض التعليقات عن كتب المستدركات والمستخرجات على الصحيحين.
وبهذه القضايا تأثّر ابن الجوزي كثيرًا في جامعه، فقد نقل أحاديث عن البخاري أو مسلم، وهي روايات موافقة لما عند الحميديّ لا لما في الصحيحين، وجعل أحاديث للشيخين أو لأحدهما خطأ أحيانًا من متابعاته له، وسكت عن أحاديث فلم يعزُها لهما لأن الحميدي غفل عنها في كتابه.
ومن أمثلة نقوله:
انفرد بإخراجه، والذي في كتابه. . وقال أبو بكر البرقاني. . . (١٨٩١).
ورواه البرقاني في كتابه المخرّج على الصحيح. . . (٢١١٩).
وقد رواه البرقاني بإسناد مسلم، وفيه. . . (٢٢٩٧).
وذكره أبو مسعود صاحب التعليقة في مسند حفصة (٧٧٦٢) (١).
وكثير هي النقول والتعليقات التي حُشي بها الكتاب، عن الحميدي، وأكثر الأوهام والأخطاء والقصور الذي في الكتاب، من جرّاء متابعته له. وقد نَبَّهْتُ كثيرًا في الحواشي على نماذج من ذلك.
* * * *
وأذكر هنا بعض الهَنات والمخالفات التي وقعت فيها الكتاب:
منها الإخلال بما اختاره في ترتيب الصحابة فخلاف النظام الذي رآه من تقديم عبد اللَّه على عبد الرحمن. . وهو وجه، أو تقديم عبيد اللَّه على عبد الرحمن، أو تأخير معاوية على معن، مراعاة لرسم "معوية"، فإنّه قد قدّم وأخر بين الأسماء، أو بين الآباء:
فجاء مسند التِّلب (٤٨) بعد تمام وتميم. وقدّم حميلًا على حمل (١١٠، ١١١)، وشرحبيل جاء عنده قبل شدّاد (٢٢٩، ٢٣٢). ومسند طلحة قبل طفيل (٢٦٤، ٢٦٦)،
_________
(١) ينظر على سبيل المثال (١٦٤٣، ١٦٤٦، ١٦٥٣، ١٨٣٥، ٢٤٢٧، ٢٧٩٣، ٤٠١٠، ٧٠٠٠، ٧٢٠١).
مقدمة / 30