الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع

الخطيب البغدادي ت. 463 هجري
41

الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع

محقق

د. محمود الطحان [ت ١٤٤٤ هـ]

الناشر

مكتبة المعارف

مكان النشر

الرياض

٩٧ - وَأَخْبَرْنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ الْحَسَنِ الشَّاهِدُ بِالْبَصْرَةِ، نا عَلِيُّ بْنُ إِسْحَاقَ الْمَادَرَائيُّ، نا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ شَبِيبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي طَالُوتُ هُوَ ابْنُ عَبَّادٍ، نا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، نا الْأَعْمَشُ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: سَمِعْتَهُمْ يَذْكُرُونَهُ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا ذَكَرَهُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «إِنَّ التُّؤَدَةَ فِي كُلِّ شَيْءٍ خَيْرٌ، إِلَّا فِي عَمِلِ الْآخِرَةِ» ⦗١١٦⦘ وَيَعْمِدُ إِلَى أَسْنَدِ شُيُوخِ مِصْرِهِ وَأَقْدَمِهِمْ سَمَاعًا، فَيُدِيمُ الِاخْتِلَافَ إِلَيْهِ، وَيُوَاصِلُ الْعُكُوفَ عَلَيْهِ، وَمَذَاهِبُ النَّاسِ تَخْتَلِفُ فِي ذَلِكَ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَكْتَفِي بِسَمَاعِ الْحَدِيثِ نَازِلًا مَعَ وُجُودِ مَنْ يَرْوِيهِ عَالِيًا، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَقْتَنِعُ بِذَلِكَ، وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى النُّزُولِ وَهُوَ يَجِدُ الْعُلُوَّ، وَأَهْلُ النَّظَرِ أَيْضًا مُخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَرَى أَنَّ السَّمَاعَ النَّازِلَ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الرَّاوِي أَنْ يَجْتَهِدَ فِي مَعْرِفَةِ جَرْحِ مَنْ يَرْوِي عَنْهُ وَتَعْدِيلِهِ، وَالِاجْتِهَادُ فِي أَحْوَالِ رُوَاةِ النَّازِلِ أَكْثَرُ، وَكَانَ الثَّوَابُ فِيهِ أَوْفَرَ، وَمِنْهُمْ مَا يَرَى أَنَّ سَمَاعَ الْعَالِي أَفْضَلُ لِأَنَّ الْمُجْتَهِدَ مُخَاطِرٌ وَسُقُوطُ بَعْضِ الْإِسْنَادِ مُسْقِطٌ لِبَعْضِ الِاجْتِهَادِ، وَذَلِكَ أَقْرَبُ إِلَى السَّلَامَةِ، فَكَانَ أَوْلَى، وَالَّذِي نَسْتَحِبُّهُ طَلَبُ الْعَالِي؛ إِذْ فِي الِاقْتِصَارِ عَلَى النَّازِلِ إِبْطَالُ الرِّحْلَةِ وَتَرْكُهَا، فَقَدْ رَحَلَ خَلْقٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا إِلَى الْأَقْطَارِ الْبَعِيدَةِ، طَلَبًا لِعُلُوِّ الْإِسْنَادِ، وَلَعَلَّنَا نَذْكُرُ شَيْئًا مِنْ أَخْبَارِهِمْ فِي هَذَا الْكِتَابِ بَعْدُ إِذَا انْتَهَيْنَا إِلَى الْمَوْضِعِ الْمُقْتَضِي لِذِكْرِ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

1 / 115