89

الجامع لاحكام القرآن

محقق

أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش

الناشر

دار الكتب المصرية

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٣٨٤ هـ - ١٩٦٤ م

مكان النشر

القاهرة

" فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ" بِغَيْرِ وَاوٍ،" فَبَشِّرْ عِبادِ"،" فَمَا آتان الله" بغير ياءين في الموضعين .. كما خَالَفَ ابْنُ كَثِيرٍ وَنَافِعٌ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ مُصْحَفَ عُثْمَانَ فَقَرَءُوا:" كَذلِكَ حَقًّا عَلَيْنا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ" بِإِثْبَاتِ نُونَيْنِ، يَفْتَحُ الثَّانِيَةَ بَعْضُهُمْ وَيُسْكِنُهَا بَعْضُهُمْ، وَفِي الْمُصْحَفِ نُونٌ وَاحِدَةٌ «١»، وَكَمَا خَالَفَ حَمْزَةُ الْمُصْحَفَ فَقَرَأَ:" أَتَمُدُّونِ بِمَالٍ" بِنُونٍ وَاحِدَةٍ وَوَقَفَ عَلَى الْيَاءِ، وَفِي الْمُصْحَفِ نُونَانِ وَلَا يَاءَ بِعَدَهُمَا، وَكَمَا خَالَفَ حَمْزَةُ أَيْضًا الْمُصْحَفَ فَقَرَأَ:" أَلَا إِنَّ ثَمُودَا كَفَرُوا رَبَّهُمْ" بِغَيْرِ تَنْوِينٍ، وَإِثْبَاتُ الْأَلْفِ يُوجِبُ التَّنْوِينَ، وَكُلُّ هَذَا الَّذِي شَنَّعَ بِهِ عَلَى الْقُرَّاءِ مَا يُلْزِمُهُمْ بِهِ خِلَافٌ لِلْمُصْحَفِ. قُلْتُ: قَدْ أَشَرْنَا إِلَى الْعَدِّ فيما تقدم مما اختلف فِيهِ الْمَصَاحِفُ، وَسَيَأْتِي بَيَانُ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ فِي مَوَاضِعِهَا مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَذَكَرَ هَذَا الْإِنْسَانُ أَنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ هُوَ الَّذِي قَرَأَ" كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُهْلِكَهَا إِلَّا بِذُنُوبِ أَهْلِهَا" وَذَلِكَ بَاطِلٌ، لِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَثِيرٍ قَرَأَ عَلَى مُجَاهِدٍ، وَمُجَاهِدٌ قَرَأَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ" حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ"، فِي رِوَايَةٍ وَقَرَأَ أُبَيٌّ الْقُرْآنَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَهَذَا الْإِسْنَادُ مُتَّصِلٌ بِالرَّسُولِ ﵇ نَقَلَهُ أَهْلُ الْعَدَالَةِ وَالصِّيَانَةِ، وَإِذَا صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَمْرٌ لَمْ يُؤْخَذْ بِحَدِيثٍ يُخَالِفُهُ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ الْمُبَارَكِ الْيَزِيدِيُّ: قَرَأْتُ الْقُرْآنَ عَلَى أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ، وَقَرَأَ أبي عَمْرٍو عَلَى مُجَاهِدٍ، وَقَرَأَ مُجَاهِدٌ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَقَرَأَ أُبَيٌّ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ، وَلَيْسَ فِيهَا" وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُهْلِكَهَا إِلَّا بِذُنُوبِ أَهْلِهَا" فَمَنْ جَحَدَ أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ أَنْزَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى عَلَى نَبِيِّهِ ﵇ فَلَيْسَ بِكَافِرٍ وَلَا آثِمٍ. حَدَّثَنِي أبي نبأنا نصر بن الصَّاغَانِيُّ نَبَّأَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ: مَا يُرْوَى مِنَ الْحُرُوفِ الَّتِي تُخَالِفُ الْمُصْحَفَ الَّذِي عَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ مِنَ الْحُرُوفِ الَّتِي يَعْرِفُ أَسَانِيدَهَا الْخَاصَّةُ دون العامة فيما نقلوا عَنْ أُبَيٍّ:" وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُهْلِكَهَا إِلَّا بذنوب أهلها"، وعن ابن عباس

(١). يلاحظ أن الذي في المصحف نونان.

1 / 83