الجامع لاحكام القرآن
محقق
أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش
الناشر
دار الكتب المصرية
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٣٨٤ هـ - ١٩٦٤ م
مكان النشر
القاهرة
وَالِاثْنَانِ صَلَوَانِ. وَالْمُصَلِّي: تَالِي السَّابِقِ، لِأَنَّ رَأْسَهُ عِنْدَ صَلَاهُ. وَقَالَ عَلِيٌّ ﵁: سَبَقَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَصَلَّى أَبُو بَكْرٍ وَثَلَّثَ عُمَرُ. وَقِيلَ: هِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنَ اللُّزُومِ، وَمِنْهُ صَلِيَ بِالنَّارِ إِذَا لزمها، ومنه" تَصْلى نارًا حامِيَةً «١» " [الغاشية: ٤]. وَقَالَ الْحَارِثُ بْنُ عُبَادَ:
لَمْ أَكُنْ مِنْ جُنَاتِهَا علم اللَّ ... هـ وَإِنِّي بِحَرِّهَا الْيَوْمَ صَالِ
أَيْ مُلَازِمٌ لِحَرِّهَا، وَكَأَنَّ الْمَعْنَى عَلَى هَذَا مُلَازَمَةُ الْعِبَادَةِ عَلَى الْحَدِّ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ. وَقِيلَ: هِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ صَلَيْتُ الْعُودَ بِالنَّارِ إِذَا قَوَّمْتُهُ وَلَيَّنْتُهُ بِالصِّلَاءِ. وَالصِّلَاءُ: صِلَاءُ النَّارِ بِكَسْرِ الصَّادِ مَمْدُودٌ، فَإِنْ فَتَحْتَ الصَّادَ قَصَرْتَ، فَقُلْتَ صَلَا النَّارَ، فَكَأَنَّ الْمُصَلِّيَ يُقَوِّمُ نَفْسَهُ بِالْمُعَانَاةِ فِيهَا وَيَلِينُ وَيَخْشَعُ، قَالَ الْخَارْزَنْجِيُّ: «٢»
فَلَا تَعْجَلْ بِأَمْرِكَ وَاسْتَدِمْهُ ... فَمَا صَلَّى عَصَاكَ كَمُسْتَدِيمِ «٣»
وَالصَّلَاةُ: الدُّعَاءُ وَالصَّلَاةُ: الرَّحْمَةُ، وَمِنْهُ: (اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ) الْحَدِيثَ. وَالصَّلَاةُ: الْعِبَادَةُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ" «٤» [الأنفال: ٣٥] الْآيَةَ، أَيْ عِبَادَتُهُمْ. وَالصَّلَاةُ: النَّافِلَةُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تعالى:" وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ" «٥» [طه: ١٣٢]. والصلاة التسبيح، ومنه قوله تعالى:" فَلَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ" «٦» [الصافات: ١٤٣] أَيْ مِنَ الْمُصَلِّينَ. وَمِنْهُ سُبْحَةُ الضُّحَى. وَقَدْ قيل في تأويل" نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ" «٧» [البقرة: ٣٠] نُصَلِّي. وَالصَّلَاةُ: الْقِرَاءَةُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ" «٨» [الاسراء: ١١٠] فَهِيَ لَفْظٌ مُشْتَرَكٌ. وَالصَّلَاةُ: بَيْتٌ يُصَلَّى فِيهِ، قَالَهُ ابْنُ فَارِسٍ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ الصَّلَاةَ اسْمُ عَلَمٍ وُضِعَ لِهَذِهِ الْعِبَادَةِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُخْلِ زَمَانًا مِنْ شَرْعٍ، وَلَمْ يَخْلُ شَرْعٌ مِنْ صَلَاةٍ، حَكَاهُ أَبُو نَصْرٍ الْقُشَيْرِيُّ. قُلْتُ: فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَا اشْتِقَاقَ لَهَا، وَعَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ وَهِيَ: الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ اخْتَلَفَ الْأُصُولِيُّونَ هَلْ هِيَ مُبْقَاةٌ عَلَى أَصْلِهَا اللُّغَوِيِّ الْوَضْعِيِّ الِابْتِدَائِيِّ، وَكَذَلِكَ الْإِيمَانُ وَالزَّكَاةُ وَالصِّيَامُ وَالْحَجُّ، وَالشَّرْعُ إِنَّمَا تَصَرَّفَ بِالشُّرُوطِ وَالْأَحْكَامِ، أَوْ
(١). سورة الغاشية آية ٤. (٢). كذا في جميع الأصول وفي اللسان والتاج مادة (صلا): (.. قيس بن زهير). (٣). كذا في جميع الأصول. وفي اللسان: (عصاه). [.....] (٤). سورة الأنفال آية ٣٥. (٥). سورة طه آية ١٣٢. (٦). سورة الصافات آية ١٤٣. (٧). سورة البقرة آية ٣٠. (٨). سورة الاسراء آية ١١٠.
1 / 169