الجامع لاحكام القرآن
محقق
أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش
الناشر
دار الكتب المصرية
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٣٨٤ هـ - ١٩٦٤ م
مكان النشر
القاهرة
" عَلَيْهُمِي" بِضَمِّ الْهَاءِ وَكَسْرِ الْمِيمِ وَإِدْخَالِ يَاءٍ بَعْدَ الْمِيمِ، حَكَاهَا الْحَسَنُ «١» الْبَصْرِيُّ عَنِ الْعَرَبِ. وَ" عَلَيْهُمِ" بِضَمِّ الْهَاءِ وَكَسْرِ الْمِيمِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةِ يَاءٍ. وَ" عَلَيْهِمُ" بِكَسْرِ الْهَاءِ وَضَمِّ الْمِيمِ مِنْ غَيْرِ إِلْحَاقِ وَاوٍ. وَ" عَلَيْهِمِ" بِكَسْرِ الْهَاءِ وَالْمِيمِ وَلَا يَاءَ بَعْدَ الْمِيمِ. وَكُلُّهَا صَوَابٌ، قَالَهُ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ. الْمُوفِيَةُ الثَّلَاثِينَ قَرَأَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَابْنُ الزُّبَيْرِ ﵄" صِرَاطَ مَنْ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ". وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْمُنْعَمِ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ الْجُمْهُورُ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ: إِنَّهُ أَرَادَ صِرَاطَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ. وَانْتَزَعُوا ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى:" وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقًا «٢» " [النساء: ٦٩]. فَالْآيَةُ تَقْتَضِي أَنَّ هَؤُلَاءِ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، وَهُوَ الْمَطْلُوبُ فِي آيَةِ الْحَمْدِ، وَجَمِيعُ مَا قِيلَ إِلَى هَذَا يَرْجِعُ، فَلَا مَعْنَى لِتَعْدِيدِ الْأَقْوَالِ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ. الْحَادِيَةُ وَالثَّلَاثُونَ وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ رَدٌّ عَلَى الْقَدَرِيَّةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَالْإِمَامِيَّةِ، لِأَنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ إِرَادَةَ الْإِنْسَانِ كَافِيَةٌ فِي صُدُورِ أَفْعَالِهِ مِنْهُ، طَاعَةً كَانَتْ أَوْ مَعْصِيَةً، لِأَنَّ الْإِنْسَانَ عِنْدَهُمْ خَالِقٌ لِأَفْعَالِهِ، فَهُوَ غَيْرُ مُحْتَاجٍ فِي صُدُورِهَا عَنْهُ إِلَى رَبِّهِ، وَقَدْ أَكْذَبَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ إِذْ سَأَلُوهُ الْهِدَايَةَ إِلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ، فَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ إِلَيْهِمْ وَالِاخْتِيَارُ بِيَدِهِمْ دُونَ رَبِّهِمْ لَمَا سَأَلُوهُ الْهِدَايَةَ، وَلَا كَرَّرُوا السُّؤَالَ فِي كُلِّ صَلَاةٍ، وَكَذَلِكَ تَضَرُّعُهُمْ إِلَيْهِ فِي دَفْعِ الْمَكْرُوهِ، وَهُوَ مَا يُنَاقِضُ الْهِدَايَةَ حَيْثُ قَالُوا:" صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ" [الفاتحة: الآية]. فَكَمَا سَأَلُوهُ أَنْ يَهْدِيَهُمْ سَأَلُوهُ أَلَّا يُضِلُّهُمْ، وَكَذَلِكَ يَدْعُونَ فَيَقُولُونَ:" رَبَّنا لَا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا «٣» " [آل عمران: ٨] الْآيَةَ. الثَّانِيَةُ وَالثَّلَاثُونَ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (٧) اخْتُلِفَ فِي" الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ" وَ" الضَّالِّينَ" مَنْ هُمْ فَالْجُمْهُورُ أَنَّ الْمَغْضُوبَ عَلَيْهِمُ الْيَهُودُ، وَالضَّالِّينَ النَّصَارَى، وَجَاءَ ذَلِكَ مُفَسَّرًا عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فِي حَدِيثِ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ وَقِصَّةِ إِسْلَامِهِ، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ فِي مُسْنَدِهِ، وَالتِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ. وَشَهِدَ لهذا التفسير
(١). في بعض نسخ الأصل: (الأخفش البصري) وهو أبو الحسن سعيد بن مسعدة. [.....] (٢). راجع ج ٥ ص ٢٧١. (٣). راجع ج ٤ ص ١٩.
1 / 149