105

الجامع لاحكام القرآن

محقق

أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش

الناشر

دار الكتب المصرية

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٣٨٤ هـ - ١٩٦٤ م

مكان النشر

القاهرة

فَذَكَرَ" اسْمَ" زِيَادَةً، وَإِنَّمَا أَرَادَ: ثُمَّ السَّلَامُ عَلَيْكُمَا. وَقَدِ اسْتَدَلَّ عُلَمَاؤُنَا بِقَوْلِ لَبِيَدٍ هَذَا عَلَى أَنَّ الِاسْمَ هُوَ الْمُسَمَّى. وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فيه في هذا الباب وغيره، إ ن شاء الله تعالى. الحادية عشر اخْتُلِفَ فِي مَعْنَى زِيَادَةِ" اسْمِ" فَقَالَ قُطْرُبٌ: زِيدَتْ لِإِجْلَالِ ذِكْرِهِ تَعَالَى وَتَعْظِيمِهِ. وَقَالَ الْأَخْفَشُ: زِيدَتْ لِيَخْرُجَ بِذِكْرِهَا مِنْ حُكْمِ الْقَسَمِ إِلَى قَصْدِ التَّبَرُّكِ، لِأَنَّ أَصْلَ الْكَلَامِ: بِاللَّهِ. الثَّانِيَةَ عشر اخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي مَعْنَى دُخُولِ الْبَاءِ عَلَيْهِ، هَلْ دَخَلَتْ عَلَى مَعْنَى الْأَمْرِ؟ وَالتَّقْدِيرُ: ابْدَأْ بِسْمِ اللَّهِ. أَوْ عَلَى مَعْنَى الْخَبَرِ؟ وَالتَّقْدِيرُ: ابتدأت بسم الله، قولان: الأول للقراء، والثاني للزجاج. ف" بسم الله" فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى التَّأْوِيلَيْنِ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى ابْتِدَائِي بِسْمِ اللَّهِ، فَ" بِسْمِ اللَّهِ" فِي مَوْضِعِ رَفْعِ خَبَرِ الِابْتِدَاءِ. وَقِيلَ: الْخَبَرُ مَحْذُوفٌ، أَيِ ابْتِدَائِي مُسْتَقِرٌّ أَوْ ثَابِتٌ بِسْمِ اللَّهِ، فَإِذَا أَظْهَرْتَهُ كَانَ" بِسْمِ اللَّهِ" فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِثَابِتٍ أَوْ مُسْتَقِرٍّ، وَكَانَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِكَ: زَيْدٌ فِي الدَّارِ. وَفِي التَّنْزِيلِ" فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي" فَ" عِنْدَهُ" فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ، رُوِيَ هَذَا عَنْ نُحَاةِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ. وَقِيلَ التَّقْدِيرُ ابْتِدَائِي بِبِسْمِ اللَّهِ مَوْجُودٌ أَوْ ثَابِتٌ، فَ" بِاسْمِ" فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِالْمَصْدَرِ الَّذِي هُوَ ابْتِدَائِي. الثالثة عشر" بِسْمِ اللَّهِ"، تُكْتَبُ بِغَيْرِ أَلِفٍ اسْتِغْنَاءً عَنْهَا بِبَاءِ الْإِلْصَاقِ فِي اللَّفْظِ وَالْخَطِّ لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ، بخلاف قوله:" اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ" فإنها تحذف لقلة الاستعمال .. اختلفوا فِي حَذْفِهَا مَعَ الرَّحْمَنِ وَالْقَاهِرِ، فَقَالَ الْكِسَائِيُّ وَسَعِيدٌ الْأَخْفَشُ: تُحْذَفُ الْأَلِفُ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ: لَا تُحْذَفُ إِلَّا مَعَ" بِسْمِ اللَّهِ" فَقَطْ، لِأَنَّ الِاسْتِعْمَالَ إِنَّمَا كَثُرَ فِيهِ. الرَّابِعَةَ عَشْرَ وَاخْتُلِفَ فِي تَخْصِيصِ بَاءِ الْجَرِّ بِالْكَسْرِ عَلَى ثَلَاثَةِ مَعَانٍ، فَقِيلَ: لِيُنَاسِبَ لَفْظُهَا عَمَلَهَا. وَقِيلَ لَمَّا كَانَتِ الْبَاءُ لَا تَدْخُلُ إِلَّا عَلَى الْأَسْمَاءِ خُصَّتْ بِالْخَفْضِ

1 / 99