قال الزركشى: وليس فى هذا ما ينافى كلام مكى، انتهى، قال الجد (رحمه الله):
قلت: وتوجيه عدم منافاته أن ما عوين من ذلك قد يكون للاستشفاء، وأما العقاب فلأخذ الحية المذكورة، ثم قال أيضا: والمعروف عند أهل مكة المشرفة قبل وقتنا هذا ما قاله مكى وابن جماعة وغيرهما. وأما فى وقتنا هذا فما قاله ابن عطية فإن الطيور الآن تعلوه كثيرا ويتكرر منها ذلك فى الساعة الواحدة، وهذا مشاهد لا ينكر، ولعل حدوث ذلك بسبب ما وقع من نقض السقف والتغيرات الواقعة والله أعلم. انتهى بنصه (1).
أقول: وتوجيه قول الجد (رحمه الله) ظاهر، إذ يحتمل أنه كان فى السقف المنقوض وفيما غير منه شىء من الإرصاد يمنع من ذلك، فزال عند النقض والتغيير، والله الموفق.
انتهى (2).
(ومنها) ما وقع عن التوربشتى فى «شرح المصابيح» أنه قال: ولقد شاهدت من كرامة البيت أيام مجاورتى بمكة أن الطير كان لا يمر فوقه، وكنت كثيرا أتدبر تحليق الطيور فى ذلك الجو فأجدها مجتنبة عن محاذاة البيت، وربما انقضت من الجو حتى تدانت فطافت به مرارا ثم ارتفعت.
ثم قال أيضا: ومن آيات الله البينة فى كرامة البيت أن حمامات الحرم إذا نهضت للطيران طافت حوله مرارا من غير أن تعلوه فإذا وقفت عن الطيران وقعت على شرفات المسجد أو على بعض الأسطحة التى حول الكعبة من المسجد ولا تقع على ظهر البيت مع خلوها عما ينفره، وقد كنا نرى الحمامة إذا مرضت وتساقط ريشها وتناثر ترتفع من الأرض حتى إذا دنت من ظهر البيت ألقت بنفسها على الميزاب أو على طرف ركن من الأركان فتبقى به زمانا طويلا كهيئة المتخشع لا حراك فيها ثم تنصرف بعد حين من غير أن تعلو شيئا من سقف البيت.
(ومنها) أن المطر إذا عمه من جميع جوانبه دل ذلك على حصول الخصب فى جميع جهات الأرض، فإن كان المطر من جانب، أخصب من الأرض ما بإزائه من الجهة (3).
صفحة ٥٩