[تفسير بكر المزني]
قال بكر المزني: "من مِثْلُكَ يا ابن آدم؟ خُلِّيَ بينك وبين المحراب والماء؟! كلما شِئْتَ دَخَلْتَ على الله ﷿؟! وليس بينك وبينه تَرْجُمَانٌ" (^١).
[متى يستأنس العبد بالله]
ومن وصل إلى استحضار هذا في حال ذكر الله وعبادته استأنس بالله واستوحش من خلقه ضرورة.
[من الآثار في ذلك]
قال ثور بن يزيد: "قرأت في بعض الكتب أن عيسى ﵇ قال: "يا معشر الحواريين: كَلِّمُوا الله ﷿ كثيرًا وكلموا الناسَ قليلًا" قالوا: كيف نكلم الله كثيرًا؟ قال: "اخْلوا بمناجاته!؟ اخْلُوا بدعائه؟! ".
خرجه أبو نعيم (^٢).
* * *
وخرج أيضًا بإسناده عن رِيَاحٍ، قال: "كان عندنا رجلٌ يُصَلِّى كلَّ يوم وليلة ألفَ ركعة حتى أُقِعدَ من رجليه فكان يصلي جالسًا كل ليلة ألف ركعة، فإذا صلَّى العصْرَ احتبَى واستقبل القبلة ويقول: عجبت للخليقة كيف أنِسَتْ بسواك؟ بل عجبْتُ للخليقة كيف استنارت قُلُوبُها بذكر سواك؟! " (^٣).
* * *
وقال أبو أسامة: دخلت على محمد بن النضر الحارثي فرأيته كأنه ينقبض فقلت: "كأنك تكره أن تُؤتَى؟ ".
قال: أجل!
فقلت: أو ما تستوحش؟
قال: كيف أستوحِشُ وهو يقول أنا جليس من ذكرني؟!
(^١) الحلية ٢، ٢٢٩ باختلاف يسير.
(^٢) في الحلية ٦/ ١٩٤، ١٩٥.
(^٣) راجع هذا في ترجمة أبي نعيم لرياح في الحلية ٦/ ١٩٢ - ١٩٧ وهو رياح بين عمرو القيسي، المتخشع البكَّاء المتضرع الدَّعَّاء، أبو المهاجر، كان حكيمًا زاهدًا كثير الإنابة إلى الله ﷿.