جامع أبي الحسن البسيوي جديد

أبو الحسن البسيوي ت. 364 هجري
130

جامع أبي الحسن البسيوي جديد

تصانيف

ودليل آخر: {وربك يخلق ما يشاء}، فثبت في قولنا وقول مخالفينا: إن الطاعة مخلوقة؛ لأن ذلك مما يشاء الله، وإن زعموا أنه يخلق بعض ما يشاء دون بعض لزمهم أن قوله: {عالم الغيب} إنما يعلم بعض الغيب؛ لأن مخرج الآيتين عام، ولو جاز أن إحداهما خاص جاز في الأخرى، وإن بطل في إحداهما بطل في الأخرى.

ومما يدل على خلق الأفعال وغيرها من كتاب الله تعالى قوله: {خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل}. فلو كان إنما خلق الأجسام والسموات والأرض والنجوم دون الأفعال لم يكن وكيلا إلا على ذلك دون الأفعال، فلما كان الله وكيلا على كل شيء،/92/وقائما على كل نفس بما كسبت بالإجماع، ومما دل عليه الكتاب، فسد قول من قال بالخصوص لبعض الآية دون بعض؛ لأنه أعم بالآية {كل شيء}، وعلى من يدعي خصوص الآية الدليل.

ودليل آخر: قوله تعالى: {وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم}، و{...على كل شيء حفيظ}، فلما كان الله -بلا خلاف- بكل شيء عليم، وعلى كل شيء حفيظ، كان خالق كل شيء بعموم الآية، وعلى من يدعي الخصوص الدليل من القرآن.

فإن قال: قد قال الله فيه: {تبيانا لكل شيء}، {وأوتينا من كل شيء}، وقوله: {وأوتيت من كل شيء}، ولم تؤت بلقيس من السماء شيئا، ولم يؤت سليمان من الجنة شيئا، وهذا يدل على الخصوص.

صفحة ١٣٠