وجائز الصلاة بالسترة إذا كانت من شعر الميتة وصوفها ووبرها لقول الله عز وجل: { ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين } (¬1) وقول النبي صلى الله عليه وسلم في شاة مولاة لميمونة: (إنما حرم أكلها) وشعر الخنزير محرم استعماله؛ لأن التحريم وقع عليه بكليته لأنه أقرب المذكورات إلى الكناية؛ وإنما اختلف الناس في أبعد المذكورات إلى الكناية، والخنزير أقرب المذكورات، والإجماع على ذلك هو كاف إن شاء الله، فإن قال قائل: ما معنى قول الله عز وجل: { أو لحم خنزير فإنه رجس } (¬2) إذا لم يكن التحريم مقصورا على اللحم؟ قيل له: قد يمنع الإنسان من الشيء لأجل الشيء، ألا ترى أنك تقول لمن تجب عليه طاعتك: أكرم غلام زيد فإن له علي حقا، وأقرب المذكور إلى الكناية زيد، فليس يستنكر أن يقول: (أو لحم خنزير)، فإن الخنزير رجس والله أعلم، فإن احتج بعض المتأخرين بأبي عبيدة في طهارة الماء لغلبته على النجاسة الواقعة فيه، فإن قال قائل: وجدت الله تعالى يعبد بعبادات عرفت المتعبدين بعضها توقيفا عليها بعينها ودلهم على بعضها بأسمائها فنهى عن البول وأمر باجتنابه، فكل ما وقع عليه اسم بول فقد دخل في حكم المنهي عنه، إلا أن تقوم دلالة بتخصيص شيء منه، فينتقل حكمه، وكذلك أمرنا بالتطهر بالماء وجعله طهارة للمتعبدين، وكل ما استحق اسم ماء فجائز التطهر به إلا أن يمنع من ذلك ما يجب التسليم له، فإذا اجتمع ما أمرنا (¬3) باجتنابه من البول والجنابة منه لطهارته وهو الماء: اعتبرنا حكمه بالأسماء والعلامات (¬4)
¬__________
(¬1) النحل: 80.
(¬2) الأنعام: 145.
(¬3) في (ج) أمر.
(¬4) في (ج) والعلامات..
صفحة ٢٧٤