264

عليه وسلم إنه مر بشاة لمولاة لميمونة، وقد كانت أعطيتها من الصدقة وقد ماتت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (هلا أخذتم إهابها فدبغتموه وانتفعتم به؟ (¬1) ، قالوا: يا رسول الله إنها ميتة) تعلقوا بما تعلق به الشافعي، فقال صلى الله عليه وسلم : (ليس الأمر كما وقع لكم إنها إنما حرم أكلها)، فرد التحريم إلى ما يؤكل دون ما لا يؤكل، فهذا يبين أن التحريم لم يقع على ما جوزه أصحابنا، وإنما يقع على ما يؤكل منها والله أعلم، ودليل آخر يدل على صحة هذه المقالة قول الرسول صلى الله عليه وسلم : (ما قطع من البهيمة وهي حية فهو ميتة) (¬2) ، وأجمع الكل على أن لو قطع عضو من أعضائها وقع عليه اسم الميتة، ولو جز شعرها ووبرها لم تسم ميتة. وكان في إجماعهم دلالة على تفريق بين ما يؤكل وما لا يؤكل، والعظم عندي على ضربين: فعظم يؤكل، وعظم لا يؤكل، والعظم الذي لا يؤكل داخل في خبر الحظر (¬3) ، والعظم الذي يؤكل فخارج من خبر الحظر، فإن قال قائل: ما العلة في النهي عن استعمال إهاب الميتة إلا بعد الدباغ، وهو إنما يوضع به ملح أو رماد أو تراب، ويجعل في الشمس، وما الذي نقل هذا من غير ما حكي عنه (¬4) ؟ قيل له: التعبد قد ورد بذلك، وقد يرد الشرع على إيجاب فمنه بألفاظ ، ومنه مالا يعقب بألفاظ، وما عقب بألفاظ قد لا يكون علة وقد يكون علة. فأما ما يكون علة فقوله عز وجل: { يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم } (¬5) ، فكان ما عقب به من ذكره { خير لكم } علة لما رغب، وقد لا يعقب الخطاب بذكر شيء والعلة قد تعلمها (¬6)

¬__________

(¬1) - رواه الجماعة إلا ابن ماجه.

(¬2) - متفق عليه.

(¬3) - في (ج) حيز الحضر.

(¬4) - في (ج) نهي.

(¬5) الجمعة: 9 .

(¬6) (أ) تطيب ..

صفحة ٢٦٤