أجمع أصحابنا أن الجنب لا يصح له صوم إلا فيما لا يلحقه فيه لائمة وهو النسيان، وترك التفريط في ذلك، والدليل على ذلك أنه لما كانت الحائض لا يصح منها صوم ولا صلاة لعدم الطهارة، وكان الجنب لا تصح منه الصلاة لعدم الطهارة، وجب أن يستويا في باب الصوم والله أعلم.
مسألة في نقض الوضوء
وإذا لمس الرجل المرأة أو غيرها بيده وهو متطهر كان على طهارته، فإن قال قائل: إن ذلك ينقض الطهارة، واحتج بقول الله تبارك وتعالى: { أو لامستم النساء } (¬1) ، قيل له: هذا غلط منك في تأويل الآية، لأن اللمس في هذا الموضع هو الجماع، وإنما ذكر اللمس وقد أراد الجماع، فأكنى عنه باسم غيره على مجاز اللغة؛ والدليل على ذلك قول الله جل ذكره: { أو لامستم النساء } ، وهذا طريقه طريق التفاعل. والتفاعل لا يكون إلا من فاعلين، فإن قال: فقد قرئ { أو لمستم النساء } . وأجمعوا أن القراءتين صحيحتان: { أو لامستم النساء } ?يوجب التفاعل، { أو لمستم } يوجب وقوع الفعل للامس (¬2) وحده. ولا يوجب التفاعل. قيل له: قد دلت الآية الأخرى على المراد، وهو قوله جل ذكره: { وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم } (¬3) . وقد أجمعوا أن اللمس ها هنا هو الجماع دون غيره، ولا فرق بين الظاهرين، وروي عن علي بن أبي طالب وابن عباس أنهما قالا: (اللمس المذكور في القرآن هو الجماع) (¬4) وأما ابن مسعود فروي عنه أنه قال: (اللمس دون الجماع) في قول الله تبارك وتعالى: { ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا } (¬5) ، عن علي وابن عباس أنهما قالا : هم المسافرون.
مسألة
¬__________
(¬1) النساء: 43.
(¬2) في (أ) للمس.
(¬3) البقرة: 237.
(¬4) كناية عن الجماع.
(¬5) النساء: 43.
صفحة ٢٢٤