207

نظرت إلى عنوانه فنبذته كنبذك نعلا اختلقت (¬1) من نعالكا.

وإذا كان اسم النبيذ واقعا على الماء والتمر من قبل أن يمتزجا، يكن فيما ادعوه دلالة على صحة ما اعتقدوه؛ والدليل على ما قلناه التمر لا (¬2) يماع في الماء، قول الرسول عليه السلام عند مشاهدته له: (تمرة طيبة وماء طهور) (¬3) ، فأثبت صلى الله عليه وسلم أن في الإدارة ماء وتمرا ولو إنماع لم يستحق اسم الماء، واسم التمر، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم هو الحكم بين المختلفين؛ ولو ثبت التطهر بالنبيذ في زمان من الأزمان كان منسوخا؛ لأن (¬4) ليلة الجن التي روى الخبر فيها عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم كانت من (الأزمان) (¬5) بمكة ونزل فرض التيمم بالمدينة، فكان التيمم عند عدم الماء ناسخا للنبيذ، والمنسوخ قد ارتفع حكمه والحكم به (نسختين) فيه غير واجب والله أعلم؛ والعلة التي ذكرها أصحابنا في آثارهم عند اختلافهم في الماء إذا حلته النجاسة؛ وكم قدره ونهايته يكيل القلة فأكثر قولهم: إن القلة هي الجرة التي تحملها الخدم في العادة الجارية من استخدامهم العبيد لها (¬6) ، واللغة توجب غير الجرة، والقلة اسم يقع على الجرة الصغيرة والكبيرة، والكوز الصغير والكبير، وذكر الشافعي أن القلة قربتان ونصف بقلال (¬7) هجر؛ والقلة مأخوذة من استقل فلان بحمله، وأقله إذا أطاقه وحمله، وإنما سميت الكيزان قلالا؛ لأنها تقل بالأيدي وتحمل ويشرب منها؛ فهذا يدل على أن القلة اسم يقع على الكوز الصغير والكبير. والجرة والجب الذي يستطيع القوي من الرجال أن يقله ويحمله، ويدل على ذلك قول جميل شعرا:

فظللنا بنعمة واتكأنا (فشربنا من الحلال قليله). (¬8)

¬__________

(¬1) في (أ) أخلقت.

(¬2) في (ب) و (ج).

(¬3) رواه أبو نعيم.

(¬4) في (أ) لئن.

(¬5) انفردت به نسخة (أ) فقط.

(¬6) في (ج) بها.

(¬7) في (أ) بقال.

(¬8) في (ب) و (ج) فشربنا الحلال من قلله.

صفحة ٢٠٧