إذا كانت النجاسة قليلة لا تجعل الحركة حدها، وإذا كانت كثيرة ثبتت حركات، فلما أن أسرت سويت بين قليل النجاسات وكثيرها، وضعيفها وقويها، بطل اعتلالك (¬1) لضعف النجاسة، والاعتماد على ما تقدم ذكرنا له من قول النبي صلى الله عليه وسلم : "الماء لا ينجسه شيء إلا ما غير لونه أو طعمه أو ريحه" (¬2) والمياه (¬3) ثلاثة: فماء مضاف إلى الواقع فيه، وماء مضاف إلى الخارج منه، وماء مضاف إلى ما كان يقوم به، فالماءان المتقدم ذكرهما لا يجوز التطهر بهما وإن كان طاهرين. إذ اسم الماء لا يقع عليهما مطلقا، والماء الذي ورد الشرع به من الذي استحق اسم الماء مطلقا، ألا ترى إلى قول الله تعالى: { ?فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا } (¬4) ، وماء يضاف إلى مكان، فجائز التطهر به؛ لأن إضافته إلى المكان لا يخرج عن حد الماء المطلق، إذ الماء لا يقوم إلا في محل، فإن قال قائل: إن الظاهر يوجب استعمال كل ما (¬5) وقع عليه اسم ماء مقيدا كان أو مطلقا، إذ تقييده لا يخرجه من استحقاقه اسم الماء. قيل له: لا أعلم أن أحدا أجاز التطهر بما ذكرت، وإنما الخلاف بين الناس في الماء المستعمل، فأما ما ذكرنا فلا خلاف فيه فيما علمنا والله أعلم.
¬__________
(¬1) في (أ) اعتاولك.
(¬2) تقدم ذكره.
(¬3) في (أ) و (ب) و(ج) الأمياء.
(¬4) النساء: 43، والمائدة: 6.
(¬5) في (أ) الكمال.
صفحة ٢٠٤