جامع ابن بركة ج1

Ibn Baraka ت. 362 هجري
163

جامع ابن بركة ج1

تصانيف

قال الله تبارك وتعالى: ? { يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين } (¬1) الآية. ففرض الطهارة بالماء من كتاب الله عز وجل ومن سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، فأما من الكتاب فقوله جل ذكره: { ?وأنزلنا من السماء ماء طهورا } (¬2) يعني مطهرا؛ لأن الطهور في اللغة هو الفعول للطهارة، ومن السنة قول النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الماء طهور لا ينجسه شيء) (¬3) ، فكانت هذه الصفة منه عليه السلام مضارعة الآية. وفي رواية أخرى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الماء طهور لا ينجسه شيء إلا ما غير لونه أو طعمه أو ريحه) (¬4) ؛ ولا اختلاف بين الناس في تأويل هذا الخبر، والاتفاق حجة، والاختلاف منهم رأي، واتباع الحجة أولى من اتباع الرأي الذي ليس بحجة، والماء الطاهر المطهر باتفاق الأمة: ماء السماء، وماء البئر، وماء العيون، وماء البحر. إلا في قول عبد الله بن عمرو بن العاص في ماء البحر وحده، واتباع السنة أولى من قول (نسختين) اتباع عبد الله بن عمرو. ولما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم عن رجل سأله عن ماء البحر. فقال: رسول الله إنا نركب البحر على أرماث لنا وتحضرنا الصلاة وليس معنا ماء إلا لشفاهنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (هو الطهور ماؤه والحل ميتته) (¬5) ، والأرماث جمع رمث في البحر، وهي الخشب المضموم بعضها على بعض. ويدل على ذلك قول جميل شعرا:

تمنيت من حي بثينة أننا على رمث في البحر ليس لنا وكر.

¬__________

(¬1) سورة المائدة: 6.

(¬2) الفرقان: 48.

(¬3) متفق عليه.

(¬4) متفق عليه.

(¬5) متفق عليه.

صفحة ١٦٣