ولا يجب أن يقلدوا من ليس له عليهم طاعة، وإنما قلنا إنه لما يكن في المصر من يلزمه هذا الحق الذي يمتنع به هذا الظالم صرنا به إلى هذا الجبار، ليلزمه الحق. وذهابنا إليه بهذا الظالم كذهابنا إليه في الاستعانة به على تغيير المنكر الذي لا نقدر على تغييره إلا به. وإنما وجب أن يرفع (¬1) إلى حكام العدل فيما يعلم الحكم فيه وفيما لا يعلم (¬2) ، وأن نأتمنهم على ذلك ونقلدهم لوجوب طاعتهم وفرض الطاعة لهم والانتهاء إلى أمرهم، والله أعلم وبه التوفيق.
مسألة في أهل الذمة
وإذا ظفر الإمام بأرض المسلمين وفيها ذمة، قد كان عقدها لهم جبار تلك الأرض الذي كان قد استولى عليها قبل الإمام، لم يكن للإمام أن ينقض ذمة الجبار ويحل عليه ما عقد لهم، وكذلك إن كان الجبار قد أخذ منهم الجزية لأعوام قد نقضت في حال استيلائه على تلك الأرض، فإن قال قائل: فلم جعلتم فعل الجبار كفعل الإمام في العهد وأخذ الجزية، وعندكم إنه لا يستحق أخذها؟ قيل له: لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (المسلمون يد على من سواهم يسعى بذمتهم أدناهم) (¬3) . فهذا الخبر يوجب إسقاط أخذ الجزية منهم بعد أن أخذها من هو أدنى المسلمين بتأويل والله أعلم.
مسألة في العطية (¬4) وإعطاء المحبة
¬__________
(¬1) في (أ) يدفع.
(¬2) في (أ) يعلم.
(¬3) متفق عليه.
(¬4) في (ج) النقية.
صفحة ١٢٣