ذكر ما ورد خاصا في غير ظاهر التنزيل وثبت حكمه على الخلق عاما بدليل، وأما ما يجري ظاهره من الأخبار مجرى الخصوص وصحبه دليل يرد حكمه إلى معنى العموم فمنه قول الله جل ذكره: { ?فلينظر الإنسان مم خلق } (¬1) ، وقوله: { أو لم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين } (¬2) ، وقوله: ? { وبدأ خلق الإنسان من طين } (¬3) ؛ وقوله تعالى: { ?والعصر إن الإنسان لفي خسر } (¬4) ، فهذه الآيات كلها في لفظ مخصوص في الظاهر، إذ الذكر فيها وقع باسم الإنسان ولم يقع باسم الناس، ويتيقن حكمها في معنى العموم الدلالة على خروج جمعها (نسختين) جميعها على (¬5) الخصوص إلى العموم، إن دخول الألف واللام في الإنسان دالة على التعريف، والمعروف إذا لم يكن قبل التعريف مذكورا بنفسه فيكون التعريف إشارة إلى شخصه، صح أن التعريف راجع إلى الجنس كله؛ وأما قوله جل ذكره { وبدأ خلق الإنسان من طين } (¬6) ، فآدم عليه السلام، وإذا خلق آدم من طين فالناس كلهم مبتدؤون من طين، لأنهم ذريته إلا حواء وحدها. فإنا (¬7) لا ندري ما اسمها تسمى ذرية له أم لا؟ غير أنا نعلم أنها خلقت منه لقول الله تعالى: { خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها } (¬8) ، وأما قوله تعالى: ? { والعصر إن الإنسان لفي خسر? } إلا من استثنى، ويدل على ما قلنا أن هذا اسم الجنس، إلا أن الاستثناء لا يكون إلا من جملة كثيرة. وأما قوله تعالى: ? { خلق الإنسان } ?(نسختين): ? { إنا خلقنا الإنسان من نطفة } (¬9) فخرج مخرج الخصوص والمعنى للعموم وخرج آدم عليه السلام بدليل.
مسألة
¬__________
(¬1) الطارق: 5.
(¬2) يس: 77.
(¬3) السجدة: 7.
(¬4) سورة العصر: الآية 1، 2.
(¬5) في (ج) عن.
(¬6) السجدة: 7 وأول الآية: "الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين".
(¬7) في (ج) وإنا.
(¬8) النساء: 1 أول السورة: "يا أيها الناس اتقوا ربكم".
(¬9) الإنسان: 2.
صفحة ١١٣