وأما قوله جل ذكره: ? { يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين } (¬1) فأمر عباده المؤمنين أن يقيموا بالقسط في السراء والضراء على الأولياء والأقرباء والأنفس والآباء، فجرى حكم القسط عليهم أجمعين. ولم يرخص في ذلك لأحد من العالمين. وأيضا فإن جعل القيام بالقسط فرضا يجب على الكافة ولم يوجبه على الخاصة دون العامة؛ لأنه تعالى دعاءهم باسم المؤمنين، والمؤمنون يدخل فيهم الحكام وغير الحكام، فلم يجب لأحد من أهل الإسلام أن يرى مقاما لله فيه مقالا ليدعه اتكالا على غيره والله أعلم. ولم يجعل الأمر في تسمية القسط في الدين مردودا إلى اجتهاد المتعبدين، وتختلف فيه آراؤهم وتتحكم فيه أهواهم، فما رأوه حسنا في عقولهم فعلوه، وما قبح في أنفسهم اجتنبوه. بل دعاهم إلى فعل ما ارتضاه لهم، حسن أو قبيح عندهم، فقال عز وجل: { ?إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا } . (¬2)
... مسألة ...
الدليل على أن (¬3) المعصية لا تكون إلا من قاصد إليها قول الله جل ذكره: ? { وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم } . (¬4)
مسألة
¬__________
(¬1) النساء: 135.
(¬2) النساء: 135.
(¬3) ناقصة من (ج).
(¬4) الأحزاب: 5.
صفحة ١٠٨