والحج لا يوجب (¬1) قضاؤه إلا بعد الوصية باتفاقهم جميعا على ذلك. وأيضا فإن الدين لو قضي عنه في حياته بغير أمره أسقط عنه أداؤه، وكذلك بعد وفاته باتفاق. ودليل آخر أن المريض لو كان عليه دين وحج ولم يخلف وفاء لقضائهما (¬2) أنه يبدأ بالدين فيقضى ولو كان سبيله سبيل الدين لضرب له معه. ودليل آخر قول الله تعالى: ? { وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول: رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين، ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجله } . (¬3)
فالإنسان لا يتحسر على ما لا يقدر على فعله، وكذلك قوله جل اسمه: ? { قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت } (¬4) إنما يطلب الرجعة إلى ما فاته من الواجب (¬5) ، وغير الواجب لا يطلب، وإنما شبهه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدين، فإن المرأة سألته عن الأداء فشبه ذلك بأداء الدين إذا قضته عنه كان قضاؤها عنه كقضائها الدين عنه إذا قضته، ولم تسأله عن الوجوب فيرد الجواب عنه والله أعلم وبه التوفيق.
... ... مسألة ...
كل مسألة لم يخل الصواب فيما من أحد قولين، ففسد أحدهما لقيام (¬6) الدليل على فساده صح أن الحق في الآخر. وكذلك إن صح أن الحق في واحد منهما بعينه فالآخر فاسد، قال الله جل ذكره: ? { فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون } (¬7) .
مسألة
¬__________
(¬1) في (ب) و (ج) يجب.
(¬2) في (ب) و (ج) لقضائهما، (أ) لقضائها.
(¬3) المنافقون: 10 بقية الآية: "والله خبير بما تعملون".
(¬4) المؤمنون: 99.
(¬5) في (أ) والواجب.
(¬6) القيام.
(¬7) يونس: 32.
صفحة ١٠١