الجمع بين الصحيحين البخاري ومسلم
محقق
د. علي حسين البواب
الناشر
دار ابن حزم
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٢٣هـ - ٢٠٠٢م
مكان النشر
لبنان/ بيروت
امْرَأَة بَين مزادتين أَو سطيحتين من مَاء على بعيرٍ لَهَا. فَقَالَا لَهَا: أَيْن المَاء؟ فَقَالَت: عهدي بِالْمَاءِ أمس هَذِه السَّاعَة ونفرنا خلوف. قَالَا لَهَا: انطلقي إِذن.
قَالَت: إِلَى أَيْن؟ قَالَا: إِلَى رَسُول الله ﷺ. قَالَت: الَّذِي يُقَال لَهُ: الصَّابِئ؟ قَالَا: هُوَ الَّذِي تعنين، فانطلقي.
فجاءا بهَا إِلَى النَّبِي ﷺ، وحدثاه الحَدِيث. قَالَ: " فاستنزلوها عَن بَعِيرهَا " ودعا النَّبِي ﷺ بِإِنَاء فأفرغ فِيهِ من أَفْوَاه المزادتين أَو السطيحتين، وأوكأ أفواههما وَأطلق العزالى. وَنُودِيَ فِي النَّاس: اسقوا واستقوا. فسقى من شَاءَ، واستقى من شَاءَ. وَكَانَ آخر ذَلِك أَن أعْطى الَّذِي أَصَابَته الْجَنَابَة إِنَاء من مَاء فَقَالَ: " اذْهَبْ فأفرغه عَلَيْك؟ " وَهِي قَائِمَة تنظر إِلَى مَا يفعل بِمَائِهَا. وأيم الله، لقد أقلع مِنْهَا وَإنَّهُ ليُخَيل إِلَيْنَا أَنَّهَا أَشد ملأةً مِنْهَا حِين ابتدئ مِنْهَا. فَقَالَ النَّبِي ﷺ: " اجْمَعُوا لَهَا " فَجمعُوا لَهَا من بَين عَجْوَة ودقيقةٍ وسويقة، حَتَّى جمعُوا لَهَا طَعَاما، فجعلوه فِي ثوبٍ، وَحملُوهَا على بَعِيرهَا، وَوضع الثَّوْب بَين يَديهَا. وَقَالَ لَهَا: " تعلمين مَا رزئنا من مائك شَيْئا، وَلَكِن الله هُوَ الَّذِي أسقانا ".
فَأَتَت أَهلهَا، وَقد احْتبست عَنْهُم. قَالُوا: مَا حَبسك يَا فُلَانَة؟ قَالَت: الْعجب، لَقِيَنِي رجلَانِ، فذهبا بِي إِلَى هَذَا الصابىء، فَفعل كَذَا وَكَذَا، فوَاللَّه إِنَّه لأسحر النَّاس من بَين هَذِه وَهَذِه، وَقَالَت بإصبعها الْوُسْطَى والسبابة، فرفعتهما إِلَى السَّمَاء، تَعْنِي السَّمَاء وَالْأَرْض، أَو إِنَّه لرَسُول الله ﷺ حَقًا. فَكَانَ الْمُسلمُونَ بعد يغيرون على من حولهَا من الْمُشْركين وَلَا يصيبون الصرم الَّذِي هِيَ مِنْهُ. فَقَالَت يَوْمًا لقومها: مَا أرى إِلَّا أَن هَؤُلَاءِ الْقَوْم يدعونكم عمدا. فَهَل لكم فِي الْإِسْلَام، فأطاعوها، فَدَخَلُوا فِي الْإِسْلَام.
1 / 348