الجمع بين الصحيحين لعبد الحق
الناشر
دار المحقق للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٩ هـ - ١٩٩٩ م
مكان النشر
الرياض - المملكة العربية السعودية
تصانيف
وَجَلَّ: يَا ابْنَ آدَمَ! لَعَلِّي إِنَّ أَعْطتُكَهَا سَأَلْتَنِي غَيرَهَا. فَيَقُولُ: لا يَا رَبِّ! ويعَاهِدُهُ أَنْ لا يَسْأَلَهُ غَيرَهَا، وَرَبُّهُ يَعْذِرُهُ لأَنَّهُ يَرَى مَا لا صَبْرَ لَهُ عَلَيهِ، فَيُدْنِيهِ مِنْهَا، فَيَسْتَظِلُّ بِظِلِّهَا، وَيَشْرَبُ مِنْ مَائِهَا، ثُمَّ تُرْفَعُ لَهُ شَجَرَةٌ هِيَ أَحْسَنُ مِنَ الأُولَى، فَيَقُولُ: يَا (١) رَبِّ! أَدْنِنِي مِنْ هَذِهِ لأَشْرَبَ مِنْ مَائِهَا، وَأَسْتَظِلَّ بِظِلِّهَا لا أَسْأَلُكَ غَيرَهَا. فَيَقُولُ: يَا ابْنَ آدَمَ! أَلَمْ تُعَاهِدْنِي أَنْ لا تَسْأَلَنِي غَيرَهَا، فَيَقُولُ: لَعَلِّي إِنْ أَدْنَيتُكَ مِنْهَا تَسْأَلُنِي غَيرَهَا، فيعَاهِدُهُ أَنْ لا يَسْأَلَهُ غَيرَهَا، وَرَبُّهُ يَعْذِرُهُ لأَنهُ يَرَى مَا لا صَبْرَ لَهُ عَلَيهِ، فيدْنِيهِ مِنْهَا، فَيَسْتَظِلُّ بِظِلِّهَا، وَيَشْرَبُ مِنْ مَائِهَا، ثُمَّ تُرْفَعُ لَهُ شَجَرَة عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ هِيَ أَحْسَنُ مِنَ الأُولَتَينِ، فَيَقُولُ: أَي رَبِّ! أَدْنِنِي مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةَ لأَسْتَظِلَّ بِظِلِّهَا، وَأَشْرَبَ مِنْ مَائِهَا لا أَسْأَلُكَ غَيرَهَا، فَيَقُولُ: يَا ابْنَ آدَمَ! أَلَمْ تُعَاهِدْنِي أَنْ لا تَسْأَلَنِي غَيرَهَا. قَال: بَلَى يَا رَبّ هَذِهِ لا أَسْأَلُكَ غَيرَهَا، وَرَبُّهُ يَعْذِرُهُ لأَنهُ يَرَى مَا لا صَبْرَ لَهُ عَلَيهَا، فيدْنِيهِ مِنْهَا، فَإِذَا أدْنَاهُ مِنْهَا فَيَسْمَعُ أَصْوَاتَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ أَدْخِلْنِيهَا، فَيَقُولُ: يَا ابْنَ آدَمَ! مَا يَصْرِينِي (٢) مِنْكَ أَيُرْضِيكَ أَنْ أُعْطِيَكَ الدُّنْيَا وَمِثْلَهَا مَعَهَا؟ قَال: يَا رَبِّ! أَتَسْتَهْزِئُ مِنِّي وَأنْتَ رَبُّ الْعَالمِينَ!) فَضَحِكَ ابْنُ مَسْعُودٍ، فَقَال: أَلا تَسْأَلُونِي مِمَ أَضْحَكُ؟ فَقَالُوا: مِمَّ تَضْحَكُ؟ قَال: هَكَذَا ضَحِكَ رَسُولُ اللهِ ﷺ، فَقَالُوا: مِمَّ تَضْحَكُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَال: (مِنْ ضِحْكِ رَبِّ الْعَالمِينَ حِينَ قَال: أتَسْتَهْزِئُ مِنِّي وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالمِينَ! فَيَقُولُ: إِنِّي لا أَسْتَهْزِىُ مِنْكَ، وَلَكِنِّي (٣) عَلَى مَا أَشَاءُ قَادِرٌ) (٤).
(١) في حاشية (ج) عن نسخة أخرى: "أي".
(٢) "ما يصريني": ما يقطع مسألتك مني.
(٣) في (ج): "ولكنني".
(٤) مسلم (١/ ١٧٤ رقم ١٨٧).
1 / 155