الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي
محقق
عبد الكريم سامي الجندي
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الأولى ١٤٢٦ هـ
سنة النشر
٢٠٠٥ م
مكان النشر
بيروت - لبنان
وَالصَّوَاب عندنَا من القَوْل فِي وَجه قُراءة من قَرَأَ قطعا بِالتَّحْرِيكِ أنَّ نَصبه مظلمًا عَلَى الْحَال وَالْمعْنَى من اللَّيْل فِي حَال إظلامه أَي شدَّة ظلمته، والكوفيون من النَّحْوِيين يَقُولُونَ: هُوَ مَنْصُوب على قطع النكرَة من الْمعرفَة، وَالْمعْنَى من اللَّيْل المظلم، وَفِيه موضعان شَذَّ لَفْظهمَا عَنِ الْوَجْه الْأَصَح الأعرف فِي مقاييس الْعَرَبيَّة فِي الْإِعْرَاب وَالْبناء، أَحدهمَا قَول جميل:
وَأَن أمت يوافقُ فِي الْمَوْتَى
بِرَفْع يُوَافق وَكَانَ سَبيله بجزمه عَلَى مَا تَقْتَضِيه الْعَرَبيَّة فِي بَاب الشَّرْط وَالْجَزَاء، وَقد أَتَى مثله ممّا رُدَّ إِلَى أَصله فِي الرّفْع وَلم ينْقل بالجزاء إِلَى الْجَزْم فِي أَبْيَات من الشّعْر مِنْهَا:
يَا أقرعُ بْن حابسٍ يَا أقرعُ
إِنَّك إِن يُصْرَعْ أَخُوك تُصرعُ
وَقد حمل قَوْمٍ هَذَا عَلَى التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير، كَأَنَّهُ قَالَ: إِنَّك تصرع إِن يصرع أَخُوك، وَمثل هَذَا فِي بَيت جميل أَن يجْرِي عَلَى أنَّ مَعْنَاهُ: ويوافق فِي الْمَوْتَى وضريحي ضريحها إِن أمت، وَذهب آخَرُونَ فِي هَذَا إِلَى إِرَادَة الْفَاء كَأَنَّهُ أَرَادَ فتصرع ويوافق.
اقْطَعْ عنِّي لسانَه
حَدَّثَنَا يَزْدَادُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الزُّبَيْر بْن بكار، قَالَ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر الْحزَامِي قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَتَى شَاعِرٌ النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِبِلالٍ: " يَا بِلالُ اقْطَعْ عَنِّي لِسَانَهُ "، قَالَ: فَأَعْطَاهُ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا وَحُلَّةً، فَذَهَبَ وَهُوَ يَقُولُ: قَطَعْتَ وَاللَّهِ لساني.
أُعْطِيك بِمَا مدحتَ اللَّه
حَدَّثَنَا يزْدَاد، قَالَ: حَدَّثَنَا الزُّبَيْر بْن بكار، قَالَ: وحَدثني الْحزَامِي، عَنْ عَبْد اللَّه بْن وهْب الْمَصْرِيّ، قَالَ حَدَّثَنَا هِشَام بْن سَعْد، عَنْ زَيْدِ بْن أسلم، قَالَ: بلغنَا أنَّ أَبَا بَكْر الصَّدِّيق رضوَان اللَّه عَلَيْهِ أَتَى بشاعر إِلَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وهم فِي المَسْجِد، فَقَالَ: يُنشد يَا رَسُول اللَّه؟ قَالَ: لَا خَير فِي الشّعْر، فَقَالَ: بلَى يَا رَسُول اللَّه، فَقَالَ: فاخرجوا بِنَا إِلَى المقاعد، فأنشده مِدْحَة لله وَلِرَسُولِهِ، فَقَالَ رَسُول اللَّهِ ﷺ: " أعْطِيه يَا بلالُ النَّاقةَ السَّوْدَاء "، ثُمَّ قَالَ: " أُعطِيكَها لما مدحتَ اللَّهَ فأمّا مِدْحَتِي فَلا أُعْطِيك شَيئًا ".
إِلَى أَي شَيْء أفْضى بهم الزُّهْد
حَدَّثَنَا عُمَر بْن الْحَسَن بْن عليّ بْن مَالك الشَّيْبَانيّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أبي، عَنْ أبي أَحْمَد بْن أبي الْجوَار، قَالَ: سَمِعت مضاء العابد يَقُولُ لسباع العابد: يَا أَبَا مُحَمَّد! إِلَى أَي شَيْء أفْضى بهم الزُّهْد؟ قَالَ: إِلَى الأنْس بِهِ.
من الشّعْر الْحَكِيم
أنشدنا مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن دُرَيْد، قَالَ: أَنشدنا أَبُو حَاتِم، قَالَ: أنشدنا أَبُو عُبَيْدة، قَالَ:
1 / 44